يحمل أسفاراً، والذي يقول له: أنصت، ليس له جمعة)) . رواه أحمد.
١٤١١- (١٩) وعن عبيد بن السباق مرسلاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمعة من الجمع: ((يا معشر المسلمين!
ــ
الغريب الشأن كمثل الحمار. (يحمل) صفة أو حال. (أسفاراً) جمع سفر بالكسر أي كتباً كباراً من كتب العلم، كناية عن العلم بلا عمل، وعن عدم نفع علمه مع تحمل التعب والمشقة في تحصيله. وقيل: إنما شبه من لم يمسك عن الكلام في حال الخطبة بالحمار الحامل للأسفار؛ لأنه فاته الانتفاع بأبلغ نافع، وقد تكلف المشقة وأتعب نفسه في حضور الجمعة، والمشبه به كذلك فاته الانتفاع فأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه، والحاصل أنه شبهه بالحمار يجامع عدم الانتفاع. وقال الطيبي: شبه المتكلم العارف بأن التكلم حرام؛ لأن الخطبتين قائمة مقام الركعتين بالحمار الذي حمل أسفاراً من الحكمة، وهو يمشي ولا يدري ما عليه. (والذي يقول) أي بالعبارة لا بالإشارة. (له) أي لهذا المشبه بالحمار. (أنصت) أي استمع. (ليس له جمعة) فيه دليل على أنه لا صلاة له، فإن المراد بالجمعة الصلاة، إلا أنها تجزئة إجماعاً، فلا بد من تأويل هذا بأنه نفي للفضيلة التي يحوزها من أنصت، وهو كما في حديث عبدلله بن عمرو: من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً. قال ابن وهب أحد رواته: معناه أجزأته الصلاة وحرم فضيلة الجمعة. قال النووي: لا تبطل الجمعة بالكلام بلا خلاف وإن قلنا بحرمته. وخبر "فلا جمعة له" أي كاملة، يعني ن المراد بنفيها نفي كمال ثوابها لا نفي أصله. وقد احتج بالحديث على حرمة الكلام حال الخطبة، فإن تشبيهه بالمشبه به المستنكر، وملاحظة وجه الشبه يدل على قبح ذلك، وكذلك نسبته إلى فوات الفضيلة الحاصلة بالجمعة، ما ذاك إلا لما يلحق المتكلم من الوزر الذي يقاوم الفضيلة فيصير محبطاً لها. (رواه أحمد)(ج١ص٢٣٠) وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة في المصنف، والبزار في مسنده، والطبراني في الكبير، وفي إسناده مجالد بن سعيد، وقد ضعفه الناس، ووثقه النسائي في رواية، كذا في مجمع الزوائد (ج٢ص١٨٤) . قلت: وقال محمد بن المثنى: يحتمل حديثه لصدقه. وقال العجلي: جائز الحديث. وقال البخاري: صدوق. وقال يعقوب بن سفيان: تكلم الناس فيه، وهو صدوق، ولذلك قال الحافظ في بلوغ المرام: لا بأس بإسناده، وله شاهد قوي في جامع حماد. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده حسن.
١٤١١- قوله:(وعن عبيد) بضم العين بلا إضافة. (بن السباق) بفتح السين المهملة وتشديد الباء الموحدة الثقفي المدني، يكنى أبا سعيد، من ثقات الطبقة الوسطى من التابعين، روى له الستة، وذكره مسلم في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة. (مرسلاً) أي بحذف الصحابي ورواه ابن ماجه موصولاً، كما سيأتي. (من الجمع) بضم الجيم وفتح الميم، جمع جمعة، وقد تجمع على جمعات. (يا معشر المسلمين) وفي بعض نسخ الموطأ: يا معاشر المسلمين