للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه البخاري.

١٤١٥- (٢) وعن سهل بن سعد، قال: ((ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة)) .

ــ

وروي في هذا أشياء عن الصحابة لا يصح منها شيء إلا ما عليه الجمهور-انتهى. واستدل لأحمد ومن وافقه بحديث سهل بن سعد الآتي، وسنذكر وجه الاستدلال مع الجواب عنه، ثم إنه اختلف أصحاب أحمد، فقال بعضهم: وقتها وقت صلاة العيد، فتجوز في أول النهار. وقال الخرقي: وإن صلوا الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة أجزأتهم. وظاهره أنه لا يجوز صلاتها فيما قبل الساعة السادسة، وهو الذي صححه ورجحه ابن قدامة في المغني (ج٢ص٣٥٧) . والأولى والأفضل عندهم أن لا تصلى إلا بعد الزوال ليخرج من الخلاف، ويفعلها في الوقت الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها فيه في أكثر أوقاته. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والبيهقي (ج٣ص١٩٠) .

١٤١٥- قوله: (ما كنا نقيل) بفتح النون، من قال يقيل قيلولة فهو قائل. قال في النهاية: المقيل والقيلولة الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم. (ولا نتغدى) بالغين المعجمة والدال المهملة من الغداء، وهو الطعام الذي يوكل أول النهار. زاد في رواية أحمد ومسلم والترمذي: في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. (إلا بعد الجمعة) أي بعد فراغ صلاتها. وفي رواية للبخاري: كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة، ثم تكون القائلة. واستدل به لأحمد على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال؛ لأن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال، وحكي عن ابن قتيبة أنه قال لا يسمى غداء ولا قائلة بعد الزوال. وأجيب عنه بأنه لا دلالة فيه على أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، بل فيه أنهم كانوا يتشاغلون عن الغداء والقائلة بالتهيؤ للجمعة ثم بالصلاة، ثم ينصرفون فيقيلون ويتغدون، فيكون قائلتهم وغداءهم بعد الجمعة عوضاً عما فاتهم في وقته من أجل بكورهم. والحاصل أن قائلتهم وغداءهم بعد الجمعة لما كانا قائمين مقام القيلولة والغداء، أطلق عليهما ذلك مجازاً، وهذا كما أطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السحور اسم الغداء فقال لعرباض ابن سارية: هلم إلى الغداء المبارك. أخرجه أبوداود والنسائي، فكما أنه لا يصح الاستدلال بقوله - صلى الله عليه وسلم - هذا على جواز السحور وقت الغداء أي بعد طلوع الفجر إلى الزوال، كذلك لا يصح الاستدلال بلفظ القيلولة والتغدي على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال. وبالجملة حمل الجمهور حديث سهل على التبكير، وأنهم كانوا يشتغلون أول النهار بآلة الجمعة، فيؤخرون الغداء والقيلولة عن وقتهما. والحاصل أن ما كان غداء في غير يوم الجمعة يكون بعد صلاة الجمعة، فلا يبقى فيه غداء، وكذا القيلولة. وقال الأمير اليماني: ليس في حديث سهل دليل على الصلاة قبل الزوال؛ لأنهم في المدينة ومكة لا يقيلون ولا يتغدون إلا بعد صلاة الظهر، كما قال تعالى: {وحين تضعون ثيابكم

<<  <  ج: ص:  >  >>