للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الظهيرة} [٢٤: ٥٨] نعم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسارع بصلاة الجمعة في أول وقت الزوال بخلاف الظهر، فقد كان يؤخره بعده حتى يجتمع الناس-انتهى. واستدل لأحمد أيضاً بحديث سلمة: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به. وفي رواية: وما نجد فيئاً نستظل به. وجه الاستدلال أنه قد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب خطبتين، ويجلس بينهما، ويقرأ القرآن في الخطبة مثل سورة {ق} و {تبارك} ، ويذكر الناس، ويقرأ في صلاتها بسورة {الجمعة} و {المنافقين} ، ولو كانت خطبته وصلاته بعد الزوال لما انصرف منها إلا وقد صار للحيطان ظل يستظل به. وأجيب عنه بأن خطبته - صلى الله عليه وسلم - وصلاته كانتا قصداً، فلا يزيد شغله في الخطبة والصلاة على الساعة الواحدة العرفية، ومع مضى الساعة الواحدة لا يمكن أن يكون لجدران المدينة فيء يستظل به لقصر جدرانها، إذ ذاك قال الشوكاني: المراد نفي الظل الذي يستظل به لا نفي أصل الظل، كما هو الأكثر الأغلب من توجه النفي إلى القيود الزائدة. ويدل على ذلك قوله: "ثم نرجع نتبع الفيء" وإنما كان كذلك؛ لأن الجدران كانت في ذلك العصر قصيرة لا يستظل بظلها إلا بعد توسط الوقت، فلا دلالة في ذلك على أنهم كانوا يصلون قبل الزوال-انتهى. واستدل له أيضاً بحديث أنس قال: كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة، أخرجه البخاري. قال الحافظ: ظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره، وهو المراد هنا. والمعنى أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر، فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد، واستدل له أيضاً بحديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس، أخرجه أحمد ومسلم والنسائي. قيل: المتبادر منه أن صلاتهم كانت قبل الزوال؛ لأنه قد صرح بأن إراحتهم لنواضحهم بعد الجمعة كانت عند الزوال. وتعقب بأن قوله: "حين تزول الشمس" يحتمل أن يكون متعلقاً بقوله: "يصلي" فلا يتم الاستدلال به. واستدل له أيضاً بما روى عبد الله بن أحمد في زيادات المسند، والدارقطني وأبونعيم في كتاب لصلاة، وابن أبي شيبة من رواية عبد الله بن سيدان قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، وشهدتها مع عمر فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحداً عاب ولا أنكره. وأجيب عنه بأن عبد الله بن سيدان بسين مهملة مكسورة بعدها تحتية ساكنة. قيل: سندان بالنون بعد السين المطرودي السلمي غير معروف العدالة. قال ابن عدي: شبه المجهول، وقال

ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>