١٤١٨- (٥) وعن جابر بن سمرة، قال:((كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان، يجلس بينهما
ــ
عند خروج الإمام أن يؤذنوا على أبواب المساجد- انتهى. قلت: إذا وقعت اليوم الحاجة إلى النداء العثماني في بلد كما وقعت بالمدينة في عهد عثمان رضي الله عنه فلا بأس بأن يؤذن على موضع مرتفع كالمنار أو سطح البيت خارج المسجد قبل خروج الإمام كما كان في زمن عثمان رضي الله عنه. وأما بغير الحاجة وعند عدم الضرورة فالاكتفاء بالأذان عند خروج الإمام هو المتعين عندي. وأما كون هذا الأذان أمام الخطيب مواجهة قريباً من المنبر فليس في شيء من السنة، فإن السنة أن يؤذن عند باب المسجد ليحصل فائدة الأذان لا داخل المسجد عند المنبر، والله تعالى أعلم. (رواه البخاري) بألفاظ وأسانيد. وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج٣ص١٩٢، ٢٠٥) .
١٤١٨- قوله:(كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان) فيه أن المشروع خطبتان، وقد ذهب إلى وجوبهما الشافعي وأحمد. قال ابن قدامة: يشترط للجمعة خطبتان، وهذا مذهب الشافعي. وقال مالك والأوزاعي وإسحاق وأبوثور وابن المنذر وأصحاب الرأي: يجزيه خطبة واحدة، وقد روى عن أحمد ما يدل عليه، فإنه قال لا تكون الخطبة إلا كما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أو خطبة تامة-انتهى. وقال الشوكاني: قد ذهب إلى وجوبهما العترة الشافعي. وحكى العراقي في شرح الترمذي عن مالك وأبي حنيفة والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المنذر وأحمد بن حنبل في رواية أن الواجب خطبة واحدة، قال: وإليه ذهب جمهور العلماء، ولم يستدل من قال بالوجوب إلا بمجرد الفعل مع قوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي"-الحديث. وقد عرفت ألا ذلك ينتهض لإثبات الوجوب، يعني لأن مجرد الفعل لا يفيد الوجوب. وأما قوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي" فهو مع كونه غير صالح للاستدلال به على الوجوب ليس فيه إلا الأمر بإيقاع الصلاة على الصفة التي كان يوقعها عليها، والخطبة ليست بصلاة. (يجلس بينهما) أي بين الخطبتين. وفيه إشارة إلى أن خطبته كانت حالة القيام، وقد ورد ذلك مصرحا عن جابر نفسه، وعن ابن عمر وكعب بن عجرة، كما سيأتي، قال الشوكاني في شرح حديث ابن عمر وجابر: فيه أن القيام حال الخطبة المشروع. قال ابن المنذر: وهو الذي عليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار. واختلف في وجوبه، فذهب مالك والشافعي إلى الوجوب، غير أن مالكاً قال: إنه واجب لو تركه أساء، وصحت الجمعة. وقال الشافعي: إنه شرط في صحة الخطبة، وإنه متى خطب قاعداً لغير عذر لم تصح. قال ابن قدامة ويحتمله كلام أحمد. وذهب أبوحنيفة إلى أن القيام سنة وليس بواجب، قال ابن قدامة: قال القاضي: يجزيه الخطبة قاعداً، وقد نص عليه أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة. واستدل الأولون بحديث جابر وابن عمر وبغيرهما من الأحاديث الصحيحة: قال الشوكاني: