فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحراً)) . رواه مسلم.
١٤٢٠- (٧) وعن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه،
ــ
المعاني الكثيرة. (فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة) قال النووي: الهمزة في "أقصروا" همزة وصل، وليس هذا الحديث مخالفاً للأحاديث المشهورة في الأمر بتخفيف الصلاة، ولقوله في الرواية المتقدمة:"كانت صلاته قصداً وخطبته قصداً"؛ لأن المراد بحديث عمار أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلاً يشق على المأمومين، وهي حينئذٍ قصد أي معتدلة، والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها. وقال العراقي: أو حيث احتيج إلى التطويل لإدراك بعض من تخلف، قال: وعلى تقدير تعذر الجمع بين الحديثين يكون الأخذ في حقنا بقوله؛ لأنه أدل بفعله لاحتمال التخصيص. وقال القاري: لا تنافي بينهما، فإن الأول أي حديث جابر دل على الاقتصار فيهما، والثاني أي حديث عمار على اختيار المزية في الثانية منهما، ثم لا ينافي هذا ما ورد في مسلم من حديث أبي زيد، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان، وبما هو كائن-انتهى. لوردوه نادراً اقتضاه الوقت، ولكونه بياناً للجواز، وكأنه كان واعظاً، والكلام في الخطب المتعارفة-انتهى. (وإن من البيان سحراً) أي من البيان ما يصرف قلوب المستمعين إلى قبول ما يستمعون فشبه الكلام العامل في القلوب الجاذب للعقول بالسحر لأجل ما اشتمل عليه من الجزالة وتناسق الدلالة وإفادة المعاني الكثيرة. والظاهر أنه من عطف الجمل، ذكره استطراداً. وقال الطيبي: الجملة حال من "اقصروا" أي اقصروا الخطبة وأنتم تأتون بها معاني جمة في ألفاظ يسيرة، وهي من أعلى طبقات البيان، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: أوتيت جوامع الكلم. قال النووي: قال القاضي: فيه تأويلان أحدهما أنه ذم؛ لأنه إمالة للقلوب، وصرفها بمقاطع الكلام إليه، حتى يكسب من الإثم به، كما يكتسب بالسحر، وأدخله مالك في الموطأ في "باب ما يكره من الكلام" وهو مذهبه في تأويل الحديث. والثاني أنه مدح؛ لأن الله تعالى امتن على عباده بتعليمهم البيان. وشبه بالسحر لميل القلوب إليه. وأصل السحر الصرف، فالبيان يصرف القلب ويميله إلى ما يدعو إليه. قال النووي: وهذا التأويل الثاني هو الصحيح. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤ص٢٦٣) والبيهقي (ج٣ص٢٠٨) .
١٤٢٠- قوله:(وعن جابر) أي ابن عبد الله. (إذا خطب) أي للجمعة كما في رواية لمسلم. (احمرت عيناه وعلا صوته) بالرفع أي ارتفع صوته. (واشتد غضبه) يفعل ذلك لإزالة الغفلة من قلوب الناس ليتمكن فيها