للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليتجوز فيهما))

ــ

وإلى ذلك ذهب الحسن وابن عيينة والشافعي وأحمد وإسحاق ومكحول وأبوثور وابن المنذر. وحكاه النووي عن فقهاء المحدثين. وحكى ابن العربي أن محمد بن الحسن حكاه عن مالك. (وليتجوز) بكسر اللام ويسكن أي ليخفف. فيه مشروعية التخفيف لتلك الصلاة ليتفرغ لسماع الخطبة، ولا خلاف في ذلك بين القائلين بأنها تشرع صلاة التحية حال الخطبة. والحديث حجة على مالك وأبي حنيفة في منع الداخل عن صلاة التحية في أثناء الخطبة، وقد أجاب من تبعهما عن هذا الحديث بأجوبة: منها المعارضة بقوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} [٧: ٢٠٤] وبقوله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت، والإمام يخطب يوم الجمعة، فقد لغوت، قالوا فإذا امتنع الأمر بالمعروف، وهو أمر اللاغي بالإنصات مع قصر زمنه، فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى، وبقوله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب للذي دخل يتخطى رقاب الناس: اجلس، فقد آذيت. أخرجه أبوداود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وغيره من حديث عبد الله بن بسر، قالوا: فأمره بالجلوس، ولم يأمره بالتحية. وروى الطبراني من حديث ابن عمر رفعه إذا دخل أحدكم، والإمام على المنبر، فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام. والجواب عن ذلك كله أن المعارضة التي تؤول إلى إسقاط أحد الدليلين إنما يعمل بها عند تعذر الجمع، والجمع ههنا ممكن. أما الآية فليست الخطبة كلها قرآناً. وأما ما فيها من القرآن فالجواب عنه كالجواب عن الحديث، وهو تخصيص عمومه بالداخل. وأيضاً فمصلي التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت لحديث أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول فيه؟ فأطلق على القول سراً السكوت. وأما حديث ابن بُسر فهو أيضاً واقعة عين لا عموم فيها، فيحتمل أن يكون ترك أمره بالتحية قبل مشروعيتها. ويحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون قوله: "اجلس" أي بشرطه، وقد عرف قوله للداخل. فلا تجلس حتى تصلي ركعتين. فمعنى قوله: "اجلس" أي لا تتخط، أو ترك أمره بالتحية لبيان الجواز فإنها ليست واجبة، أو لكون دخوله وقع في أواخر الخطبة بحيث ضاق الوقت عن التحية، وقد اتفقوا على استثناء هذه الصورة. ويحتمل أن يكون صلى التحية في مؤخر المسجد، ثم تقدم ليقرب من سماع الخطبة فوقع منه التخطي فأنكر عليه. والجواب عن حديث ابن عمر بأنه ضعيف فيه أيوب بن نهيك، وهو منكر الحديث، قاله أبوزرعة وأبوحاتم. والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله كذا في الفتح. قال بعض الحنفية. حديث جابر مبيح للصلاة، وحديث الإنصات محرم لها، فاجتمع المبيح والمحرم فترجح-انتهى. وفيه أن الترجيح للمحرم إنما يكون إذا لم يمكن الجمع، والجمع ههنا ممكن، كما تقدم. وقال الأمير اليماني: هذا أمر الشارع، وهذا أمر الشارع، فلا تعارض بين أمريه، بل القاعد ينصت، والداخل يركع التحية. وقال الشوكاني: حديث الإنصات وارد في

<<  <  ج: ص:  >  >>