للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: أنظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً، وقد قال الله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً} رواه مسلم.

١٤٣٠- (١٧) وعن عمارة بن رويبة:

ــ

بني أمية، استعمله معاوية أميراً على الكوفة. (فقال) أي كعب من غاية الغضب. (انظروا إلى هذا الخبيث) قال ابن حجر: فيه جواز التغليظ على من ارتكب حراماً عند من قال به أو مكروها عند غيره؛ لأن إظهار خلاف ما داوم عليه الصلاة والسلام على رؤس الأشهاد ينبىء عن خبث أيّ خبث. (وقد قال الله تعالى) وفي بعض النسخ: وقال بغير لفظ "قد" كما في صحيح مسلم، وكذا نقله الجزري (ج٦ص٤٣٣) . (إذا رأوا) أي أبصروا أو عرفوا. (تجارة) أي بيعاً وشراء. (أو لهواً) أي طبلاً. (انفضوا) أي تفرقوا. (إليها) أي إلى التجارة وما ذكر معها فيكون من باب الاكتفاء ومراعاة أقرب المذكورين، أو اختصت بالذكر لأنها المقصود الأعظم من الأمرين، فإن الطبل كان لإعلام مجيء أسباب التجارة. قال الطيبي: قوله: قد قال الله حال مقررة لجهة الإنكار أي كيف يخطب قاعدا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائماً بدليل قوله تعالى: {وتركوك قائماً} [٦٢: ١١] وذلك أن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء، فقدم تجارة من زيت الشام والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة قائماً فتركوه قائماً وما بقي معه إلا يسير-انتهى. وهم اثنا عشر منهم أبوبكر وعمر، كما في صحيح مسلم. قال النووي: كلام ابن عجرة يتضمن إنكار المنكر والإنكار على ولاة الأمور إذا خالفوا السنة. ووجه استدلاله بالآية إن الله تعالى أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائماً. وقد قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [٣٣: ٢١] مع قوله تعالى: {فاتبعوه} وقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه} [٥٩: ٦٠] مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: صلوا كما رأيتموني أصلي-انتهى. قلت: استدل الشافعية بهذا الحديث على اشتراط القيام في الخطبة وفيه أن إنكار كعب على عبد الرحمن إنما هو لتركه السنة، ولو كان شرطاً لما صلوا معه مع تركه له. قال ابن الهمام: لم يحكم هو أي كعب ولا غيره بفساد تلك الصلاة، فعلم أنه ليس بشرط عندهم، فيكون كالإجماع وأجيب بأنه إنما صلى خلفه مع تركه القيام الذي هو شرط خوف الفتنة، أو أن الذي قعد إن لم يكن معذوراً فقد يكون قعوده نشأ عن اجتهاد منه، كما قالوه في إتمام عثمان الصلاة في السفر، وقد أنكر ذلك ابن مسعود، ثم أنه صلى خلفه فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر ولا يخفى ما في هذا الجواب. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً النسائي وابن خزيمة والبيهقي (ج٣ص١٩٦- ١٩٧) ، وفي رواية ابن خزيمة: ما رأيت كاليوم قط إماماً يؤم المسلمين يخطب، وهو جالس، يقول ذلك مرتين.

١٤٣٠- قوله: (وعن عمارة) بضم العين وتخفيف الميم. (بن رويبة) بضم الراء وفتح الواو وسكون التحتية

<<  <  ج: ص:  >  >>