للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: قبح الله هاتين اليدين،

ــ

وفتح الباء الموحدة. (أنه رأى بشر) بكسر الباء وسكون الشين المعجمة. (بن مروان) بن الحكم الأموي القرشي، أخو عبد الملك بن مروان، كان والياً على الكوفة من قبل أخيه. (رافعا يديه) زاد أحمد (ج٤ص٢٦١) يشير بإصبعيه يدعو. وفي رواية له (٤ص١٣٦) قال حصين: كنت إلى جنب عمارة وبشر يخطبنا فلما دعا رفع يديه، ولفظ الترمذي: فرفع يديه في الدعاء، وكذا رواه البيهقي. ولفظ أبي داود: رأى عمارة بن رويبة بشر بن مروان، وهو يدعو في يوم جمعة. واعلم أنه اختلف في المراد عن رفع اليدين المذكور، ففهم البيهقي والنووي والشوكاني أن المراد به الرفع الذي يكون عند الدعاء. قال النووي في شرحه: فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة، وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم. وحكى القاضي عن بعض السلف، وبعض المالكية إباحته؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى، وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض-انتهى. وترجم البيهقي (ج٣ص٢١٠) على حديث عمارة هذا، وحديث سهل بن سعد. (قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهراً يديه قط يدعو على منبره ولا على غيره، ولكن رأيته يقول هكذا، وأشار بالسبابة، وعقد الوسطى بالإبهام) باب ما يستدل به على أنه يدعو في خطبته، وقال بعد روايتهما: والقصد من الحديثين إثبات الدعاء في الخطبة، ثم فيه من السنة أن لا يرفع يديه في حال الدعاء في الخطبة ويقتصر على أن يشير بإصبعه، وثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مد يديه ودعا، وذلك حين استسقى في خطبة الجمعة، روينا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه، وروينا عن الزهري أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب يوم الجمعة دعا فأشار بإصبعه وأمن الناس-انتهى. وفهم النسائي وابن أبي شيبة والطيبي: أن المراد به الرفع الذي يكون عند التكلم وخطاب الناس، كما هو عادة الخطباء والوعاظ أنهم يرفعون أيديهم يميناً وشمالاً ينبهون الناس على الاستماع، وبوب الترمذي وأبوداود بما يحتمل المعنيين. والراجح عندي: هو المعنى الأول لرواية أحمد والترمذي والبيهقي، فإن فيها زيادة على رواية مسلم والنسائي، فيكره رفع اليدين والإشارة بالإصبعين عند الدعاء في خطبة الجمعة في غير الاستسقاء. والله تعالى أعلم. (فقال) عمارة. (قبح الله) قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: قبح ثلاثي من باب منع أي أبعده الله ونحاه عن الخير. قال أبوعمرو: قبحت له وجهه مخففة، والمعنى قلت قبحه الله، وهو من قوله تعالى: {ويوم القيامة هم من المقبوحين} [٢٨: ٤٢] أي من المبعدين الملعونين، وهو من القبح وهو الإبعاد، هذا هو المعروف في كتب اللغة، والمشهور على ألسنة الناس تشديد الباء، وقد وجهه في المصابيح والمعيار بأنه للمبالغة-انتهى. (هاتين اليدين) زاد الترمذي القُصيرَتَيْن. والظاهر أنه دعاء عليه بالقبح؛ لأن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>