للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى نافع نحوه، وزاد: فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالاً،

ــ

لكن الحديث لم يشعر بذلك – انتهى. قال القاري: وهو كذلك، لكن قال ابن الهمام: ولا يخفى أن هذا الحديث إنما يدل على بعض ما ذهب إليه أبوحنيفة، وهو مشي الطائفة الأولى وإتمام الطائفة الثانية في مكانها من خلف الإمام، وهو أقل تغييراً، وقد دل على تمام ما ذهب إليه ما هو موقوف على ابن عباس من رواية أبي حنيفة، ذكره محمد في كتاب الآثار، وساق إسناد الإمام، ولا يخفى أن ذلك مما لا مجال للرأي فيه، فالموقوف فيه كالمرفوع – انتهى. قلت: ومذهب أبي حنيفة كما سيأتي أن الطائفة الأولى تتم الركعة التي بقيت عليها بلا قراءة كاللاحق، الطائفة الثانية تقضيها بالقراءة كالمسبوق، وهذا شيء لم يرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصلاً ولا عن أحد من أصحابه، بل ولا يعرف عن أحد من الأمة قبل أبي حنيفة، وأما أثر ابن عباس فليس فيه أدنى إشارة إلى ذلك فضلاً أن يكون نصاً في ذلك، قال محمد في كتاب الآثار (ص٣٥) : أخبرنا أبوحنيفة عن حماد عن إبراهم في صلاة الخوف قال: إذا صلى الإمام بأصحابه فلتقم طائفة منهم مع الإمام، وطائفة بإزاء العدو، فيصلي الإمام بالطائفة الذين معه ركعة ثم تنصرف الطائفة الذين صلوا مع الإمام من غير أن يتكلموا حتى يقوموا في مقام أصحابهم، وتأتي الطائفة الأخرى فيصلون مع الإمام الركعة الأخرى، ثم ينصرفون من غير أن يتكلموا حتى يقوموا في مقام أصحابهم، وتأتي الطائفة الأولى حتى يصلوا ركعة وحداناً ثم ينصرفون فيقومون مقام أصحابهم، وتأتي الطائفة الأخرى حتى يقضوا الركعة التي بقيت عليهم وحداناً، قال محمد: أخبرنا أبوحنيفة حدثنا الحارث بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهم – مثل ذلك قال: وبهذا كله نأخذ، وأما الطائفة الأولى فيقضون ركعتهم بغير قراءة؛ لأنهم أدركوا أول الصلاة مع الإمام فقراءة الإمام لهم قراءة، وأما الطائفة الأخرى فإنهم يقضون ركعتهم بقراءة؛ لأنهم فاتتهم مع الإمام، وهذا كله قول أبي حنيفة – انتهى.

(وروى نافع) أي عن ابن عمر أيضاً (نحوه) أي معنى ما رواه سالم عنه، ولفظ حديث نافع عند البخاري في تفسير سورة البقرة من طريق مالك عن نافع: أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بينهم وبين العدو لم يصلوا، فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون، ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة، ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين، فيقوم كل واحد من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن ينصرف الإمام، فيكون كل واحد من الطائفتين قد صلى ركعتين فإن كان خوف....الخ (وزاد) أي نافع عن ابن عمر (فإن كان خوف) أي هناك أو وقع خوف شديد والتنوين للتعظيم (هو أشد من ذلك) الذي تقدم بأن لا يمكن معه الانقسام والاصطفاف وغير ذلك (صلوا) حينئذٍ بحسب الإمكان (رجالاً) بكسر الراء وتخفيف الجيم جمع راجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>