١٠٨- (٣٠) وعن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم)) ، رواه أبوداود.
١٠٩- (٣١) وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي يجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليعز من أذله الله
ــ
إلا سهل بن سعد. وأما الرواية الأخرى التي فيها زكريا بن منظور فإن زكريا هذا ضعيف جداً، لينه أحمد بن حنبل. وقال أحمد بن صالح: ليس به بأس، وترجمة البخاري في الكبير (٢/١/٣٨٨) وقال: ليس بذلك، وترجمة في الصغير (٢١٣) فقال: منكر الحديث. وقال أبوزرعة: واهي الحديث، منكر الحديث، ونحو ذلك قال أبوحاتم. وقال ابن حبان منكر الحديث جداً، يروي عن أبي حازم ما لا أصل له من حديثه. وأما ما نقل السيوطي عن ابن حجر أن الترمذي حسنه فأخشى أن يكون وهماً من الحافظ، فإن الترمذي لم يروه أصلاً فيما تبين لي بعد البحث والتتبع - انتهى.
١٠٨- قوله:(لا تجالسوا أهل القدر) فإنه لا يؤمن أن يغمسوكم في ضلالتهم. (ولا تفاتحوهم) من الفتاحة بضم الفاء وكسرها أي الحكومة أي لا تحاكموا إليهم، يعني لا ترفعوا أموركم إلى حكامهم، وقيل: لا تبدؤوهم بالسلام أو بالكلام، قيل: لا تبتدؤوهم بالمناظرة والمجادلة في الاعتقاديات لئلا يقع أحدكم في شك. (رواه أبوداود) في السنة وسكت عليه هو المنذري، وفي سنده حكيم بن شريك الهذلي، وثقه ابن حبان وقواه، وقال أبوحاتم: مجهول. وأخرجه أيضاً أحمد (ج١: ص٣٠) والحاكم من طريق حكيم بن شريك هذا ولم يصححه، وإنما رواه شاهداً للحديث الذي قبله.
١٠٩- قوله:(ولعنهم الله) بالواو العاطفة وبدونها كما في المصابيح والجامع الصغير والمستدرك. قال القاري: وهو الأصح، ولم يعطفه على جملة قبله إما لأنه دعاء، وإما لكونه استئنافاً، كأنه قيل: فماذا بعد؟ فأجب لعنهم الله، والثانية منبئة عن الأول أو قيل لماذا فبالعكس، وعلى هذا قوله:(وكل نبي يجاب) معترض بين البيان والمبين، أي من شأن كل نبي أن يكون مستجاب الدعوات، و"كل نبي" مبتدأ وخبره "يجاب" على بناء المفعول من المضارع أي جاب دعوته، وهو الرواية المشهورة، ويروي بالميم أي مجاب الدعوة، والجملة على الروايتين إما ابتدائية، وإما عطف على "ستة لعنتهم" أو حال من فاعل "لعنتهم"، وجملة "لعنهم الله" إنشائية للدعاء، معترضة بين الحال وصاحبها. وقال التوربشتي: لا يصح عطف "وكل نبي مجاب" على فاعل لعنتهم ومجاب صفة، وصححه الأشرف لوجود الفاصل - انتهى. (الزائد في كتاب الله) أي القرآن وسائر كتبه بأن يدخل فيه ما ليس فيه أو يأوله بما يأباه اللفظ ويخالف المحكم كما فعلت اليهود بالتوراة من التبديل والتحريف، والزيادة في كتاب الله في نظمه وحكمه كفر، وتأويله بما يخالف الكتاب والسنة بدعة، (والمسلط بالجبروت) أي الإنسان المستولي المتقوي الغالب أو الحاكم بالتكبر والعظمة الناشئ عن الشوكة والولاية، و"الجبروت" فعلوت من الجبر وهو القهر (ليعز من أذله الله) أي يرفع مرتبة من أذله الله لكفره أو لفسقه على المسلمين