الأثير المذكورة كذب وزور، ولنا في كلامه نظر لا يخفى على الباحث المتأمل. (وأبي عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه) بفتح الميم وتخفيف الجيم وبينهما ألف وفي الآخر هاء ساكنه لا تاء مربوطة (القزويني) بفتح القاف وسكون الزاي وكسر الواو وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون، نسبة إلى قزوين وهي من أشهر مدن عراق العجم، كانت ولادته سنة ٢٠٩هـ، وتوفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان سنة٢٧٣هـ، وله أربع وستون سنة، وهو الحافظ الكبير المشهور المفسر أبوعبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه الربعي بالولاء (نسبة إلى ربيعة) القزويني، مصنف كتاب السنن في الحديث، كان إماماً في الحديث عارفاً بعلومه وجميع ما يتعلق به، ارتحل إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والري لكتب الحديث، وله تفسير القرآن الكريم، وتاريخ مليح، وكتابه في الحديث أحد الصحاح الستة. قال الخليلي: ثقة كبير متفق عليه محتج به، له معرفة بالحديث وحفظ، وله مصنفات في السنن والتفسير والتاريخ، قال: وكان عارفاً بهذا الشأن، سمع أصحاب مالك والليث. وعنه أبوالحسن القطان وخلق سواه، قال السندي في مقدمة تعليقه على سنن ابن ماجه: قد اشتمل هذا الكتاب من بين الكتب الست على شؤون كثيرة انفرد بها عن غيره. والمشهور أن ما انفرد به يكون ضعيفاً، وليس بكلي، لكن الغالب كذلك، ولقد ألف الحافظ الحجة العلامة أحمد بن أبي بكر البوصيري في زوائده تأليفاً نبه على غالبها. وقال السيوطي في حاشية الكتاب: قال الحافظ نقلاً عن الرافعي أنه قال: سمعت والدي يقول: عرض كتاب السنن لابن ماجه على أبي زرعة الرازي فاستحسنه، وقال: لم يخطئ إلا في ثلاثة أحاديث، وقال في حاشية النسائي نقلاً عن غيره: إن ابن ماجه قد انفرد بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب ووضع الأحاديث، وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم، مثل حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك، والعلاء بن زيد، وداود بن المحبر، وعبد الوهاب بن الضحاك، وإسماعيل بن زياد السكوني وغيرهم، وأما ما حكاه ابن طاهر عن أبي زرعة الرازي أنه نظر فيه فقال: لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً مما فيه ضعف، فهي حكاية لا تصح لانقطاع سندها، وإن كانت محفوظة فلعله أراد ما فيه من الأحاديث الساقطة إلى الغاية، أو أراد من الكتاب بعضه، ووجد فيه هذا القدر، وقد حكم أبوزرعة على أحاديث كثيرة منه بكونها باطلة أو ساقطة أو منكرة، وذلك محكي في كتاب العلل لأبي حاتم - انتهى. قال السندي: وبالجملة فهو دون الكتب الخمسة في المرتبة، فلذلك أخرجه كثير من عده في جملة الصحاح الستة، لكن غالب المتأخرين على أنه سادس الستة - انتهى. وقال الذهبي: سنن أبي عبد الله كتاب حسن، لولا ما كدر من أحاديث واهية ليست بالكثيرة، قال أبوالحسن القطان صاحب ابن ماجه: في السنن ألف وخمس مائة باب، وجملة ما فيها أربعة آلاف حديث، وقال ابن الأثير: كتابه كتاب مفيد قوي النفع في الفقه لكن فيه أحاديث ضعيفة جداً بل منكرة، حتى نقل عن المزي أن الغالب فيما تفرد به - يعني بذلك ما انفرد به من الحديث عن الأئمة الخمسة - الضعف، ولذا لم يضفه غير واحد إلى الخمسة بل جعلوا السادس الموطأ، وفيه عدة أحاديث ثلاثيات من طريق جبارة بن المغلس، وفيه حديث في فضل قزوين منكر بل موضوع،