انتهى. قلت: ظاهر كلام هؤلاء يدل على أن الاختلاف بين الأئمة في ذلك اختلاف في الجواز والصحة، وأن عمل المسلمين بما ذهب إليه مالك ومن وافقه كان خشية الفتنة لا اعتقاداً لصحته وجوازه، وفيه نظر ظاهر، لكونه دعوى مجردة من غير برهان، بل لحق أنهم عملوا بذلك اعتقاداً لصحته؛ لكونه موافقاً للسنة المرفوعة، ولسنة الخلفاء الراشدين، ولأن الحق أن اختلافهم في ذلك اختلاف في الأولوية والأفضلية لا في الجواز وعدمه. قال الإمام محمد في موطئه بعد ما روى عن مالك عن نافع قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة بخمس تكبيرات قبل القراءة – قال صاحب التعليق الممجد: وهذا لا يكون رأياً إلا توقيفاً يجب التسليم له – انتهى. والظاهر أن هذا كان في إمارة أبي هريرة على المدينة في أيام معاوية أو مروان، وهو يدل على إجماع المسلمين من الصحابة والتابعين وتبعهم في المدينة، إذ ذاك على كون تكبيرات الزوائد ثنتي عشرة قبل القراءة في الركعتين -. قد اختلف الناس ي التكبير في العيدين فما أخذت به فهو حسن، وأفضل ذلك عندنا ما روي عن ابن مسعود....الخ قال: وهو قول أبي حنيفة – انتهى. وقال الشامي في رد المحتار (ج١ ص٧٨٠) : ومنهم من جزم بأن ذلك رواية عنهما – أي عن أبي يوسف ومحمد – بل في المجتبى: وعن أبي يوسف أنه رجع إلى هذا ثم ذكر غير واحد من المشايخ أن المختار العمل برواية الزيادة، أي زيادة تكبيرة في عيد الفطر، وبرواية النقصان في عيد الأضحى عملاً بالروايتين وتخفيفاً في الأضحى لاشتغال الناس بالأضاحي، قال وذكر في البحر أن الخلاف في الأولوية، ونحوه في الحلية – انتهى. وقال في الدر المختار: ولو زاد أي الإمام التكبير على الثلاث تابعه، قال الشامي: لأنه تبع لإمامه فتعجب عليه متابعته، وترك رأيه برأي الإمام لقوله – عليه السلام -: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)) ، فما لم يظهر خطؤه بيقين كان اتباعه واجباً، ولا يظهر الخطأ في المجتهدات، فأما إذا خرج عن أقوال الصحابة فقد ظهر خطؤه بيقين، فلا يلزمه اتباعه، قال: وأشار بقوله ندباً – في قوله: ويوالي ندباً بين القراءتين – إلى أنه لو كبر في أول كل ركعة جاز؛ لأن الخلاف في الأولوية كما مر عن البحر – انتهى. وقال صاحب التعليق الممجد (ص١٣٨) بعد ذكر الأحاديث والآثار المختلفة: وهذا الاختلاف الوارد في المرفوع والآثار كلها اختلاف في المباح، كما أشار إليه محمد بقوله: فما أخذت به فهو حسن، فلا يجوز لأحد أن يعنف على خلاف ما يراه، واختلاف الأئمة في ذلك إنما هو اختلاف في الراجح، كما أشار إليه محمد بقوله: وأفضل ذلك ... الخ، فإن اختار أحد غير ما روي عن ابن مسعود فلا بأس به أيضاً – انتهى. وقال صاحب العرف الشذي (ص٢٤١) وأما ثنتا عشرة تكبيرة فجائزة عندنا، فإن في الهداية أن أبايوسف أتى بها حين أمره هارون الرشيد ولا يتوهم أنه كان من أولى الأمر فإنه لو كان غير جائز عنده كيف اتبعه، وإن كان والي الأمر فلابد من أن يقال: إنه قائل بجوازها، وأيضاً في الهداية: لو زاد الإمام التكبيرات على الستة يتبعه إلى ثنتي عشرة تكبيرة، فدل على الجواز، ولقد صرح محمد