في موطئه بجوازها، فإنه قال:"وما أخذت به فهو حسن"- انتهى. قلت: والأولى للعمل عندنا والأفضل هو أن يكبر في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً والقراءة بعدهما كلتيهما؛ لوجهين: الأول: أنه قد جاء فيه أحاديث مرفوعة عديدة. وبعضها صحيح أو حسن، والباقية مؤيدة له، وأما ما ذهب إليه أبوحنيفة فلم يرد فيه حديث مرفوع غير حديث أبي موسى الأشعري الآتي، وستعرف أنه لا يصلح للاحتجاج، وغير حديث الوضين بن عطاء عند الطحاوي، وقد عرفت أنه حديث ضعيف، قال ابن عبد البر: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق كثيرة حسان أنه كبر في العيدين سبعاً في الأولى، وخمساً في الثانية، من حديث عبد الله بن عمرو وابن عمر وجابر وعائشة وأبي واقد وعمرو بن عوف المزني، ولم يرو من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا، وهو أولى ما عمل به، ذكره ابن قدامة. والوجه الثاني: أنه قد عمل به أبوبكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم -، وقد قال الحافظ الحازمي في كتاب الاعتبار: الوجه الحادي والثلاثون أن يكون أحد الحديثين قد عمل به الخلفاء الراشدون دون الثاني فيكون آكد، ولذلك قدم رواية من روى في تكبيرات العيدين سبعاً وخمساً على رواية من روى أربعاً كأربع الجنائز؛ لأن الأول قد عمل به أبوبكر وعمر، فيكون إلى الصحة أقرب والأخذ به أصوب – انتهى. ثم ههنا مسائل من متعلقات التكبير، نذكرها مختصراً تتميماً للفائدة: إحداها: حكم هذه التكبيرات، قال ابن قدامة: التكبيرات سنة وليست بواجبة، فإن نسي التكبير وشرع في القراءة لم يعد إليه، قاله ابن عقيل: لأنه سنة فلم يعد إليه بعد الشروع في القراءة كالاستفتاح. وقال القاضي: فيها وجه آخر أنه يعود إلى التكبير؛ لأنه ذكره في محله، وهو القيام فيأتي به كما قبل الشروع في القراءة – انتهى مختصراً. وذهب الحنفية إلى وجوبها، كما في البدائع وغيره. قال الحصفكي في الواجبات: وتكبيرات العيدين وكذا أحدها. قال ابن عابدين: أفاد أن كل تكبير واجب مستقل – انتهى. وقالت الشافعية: إن كل تكبيرة سنة مؤكدة، فإذا ترك الإمام أو المنفرد تكبيرة منها سجد للسهو عنها، ولا شيء على المأموم في ترك السنن ولو عمداً إذا أتى بها الإمام. قال الشوكاني: والظاهر عدم الوجوب لعدم وجدان دليل يدل عليه. والثانية: محل دعاء الاستفتاح، قال ابن قدامة: يدعو بدعاء الاستفتاح عقيب التكبيرة الأولى، ثم يكبر تكبيرات العيد، ثم يتعوذ ثم يقرأ، وهذا مذهب الشافعي – وإليه ذهب الحنفية كما في فروعهم، وهو الراجح عندنا -، وعن أحمد رواية أخرى أن الاستفتاح بعد التكبيرات اختارها الخلال وصاحبه، وهو قول الأوزاعي؛ لأن الاستفتاح تليه الاستعاذة وهي قبل القراءة، ولنا أن الاستفتاح شرع ليستفتح به الصلاة، فكان في أولها كسائر الصلوات، والاستعاذة شرعت للقراءة فهي تابعة لها، فتكون عند الابتداء بها لقول الله تعالى:{فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}[النحل: ٩٨] وقد روى أبوسعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ قبل القراءة، قال: وأياً ما فعل كان جائزاً، والثالثة: رفع اليدين مع التكبيرات الزوائد، قال ابن قدامة: