والعسكري وابن حبان وابن منده وابن عبد البر وغيرهم. وقدم المدينة هو وإخوته بعده فسكنها وحالف بني جمح، وروى ابن سعد بإسناد صحيح إلى نافع قال: كان اسم كثير بن الصلت قليلاً فسماه عمر كثيراً، ورواه أبوعوانة فوصله بذكر ابن عمر، ورفعه بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأول أصح، وقد صح سماه كثير من عمر فمن بعده وكان له شرف وذكر، وهو ابن أخي جَمْدٍ أحد ملوك بني كندة الذين قتلوا في الردة، وقد ذكر أبوه الصلت في الصحابة لابن منده، وفي صحة ذلك نظر – انتهى. وقال الذهبي في التجريد: الصلت الكندي مختلف في صحبته – انتهى. قلت: وذكر الحافظ كثيراً هذا في الإصابة في القسم الثاني من حرب الكاف فيمن له رؤية اعتماداً على رواية أبي عوانة وشاهدها الذي ذكره الفاكهي، قال: ولهذا ساغ ذكره في هذا القسم، فكأنه كان ولد قبل أن يهاجر أبوه وهاجر به معه ثم رجع إلى بلده ثم هاجر كثير – انتهى. (قد بنى منبراً من طين ولبن) بكسر الباء الآجر قبل الطبخ لتكون الخطبة عليه، واختص كثير ببناء المنبر بالمصلى لأن داره كانت مجاورة للمصلى، كما في حديث ابن عباس عند البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى في يوم العيد إلى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت. قال ابن سعد: كانت دار كثير بن الصلت قبلة المصلى في العيدين، وهي تطل على بطن بطحان الوادي الذي في وسط المدينة – انتهى. قال السمهودي: وليس المراد أنها متصلة بوادي بطحان، بل بينهما بُعد، ودار كثير هذه كانت قبله للوليد بن عتبة ثم اشتهرت بكثير بن الصلت، وهو من التابعين، ولد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقع التعريف بداره ليقرب إلى ذهن السامع فهم ذلك، وليس كثير بن الصلت هو الذي اختطها خلافاً لما وقع في كلام الحافظ ابن حجر، حيث قال: وإنما بنى كثير بن الصلت داره بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة، لكنها لما صارت شهيرة في تلك البقعة وصف المصلى بمجاورتها، فتعريفه بكونه عند دار كثير بن الصلت على سبيل التقريب للسامع، وإلا فداره محدثة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفيه دليل على أنه لم يكن في المصلى في زمانه - صلى الله عليه وسلم - منبر، وأن أول من اتخذه مروان، وقد وقع في المدونة لمالك ورواه عمر بن شبة عن أبي غسان عنه قال: أول من خطب الناس في المصلى على المنبر عثمان بن عفان كلمهم على منبر من طين بناه كثير بن الصلت، وهذا معضل وما في الصحيحين أصح، فقد رواه البخاري نحو رواية مسلم، وقد ذكرنا لفظه في شرح أول حديث الباب، ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك مرة ثم تركه حتى أعاده مروان ولم يطلع على ذلك أبوسعيد، كذا في الفتح، ولا يخالف هذا ما روى أحمد وأبوداود وابن ماجه عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال: أخرج مروان المنبر يوم عيد وبدأ بالخطبة قبل الصلاة فقام إليه رجل فقال: يا مروان خالفت السنة ... الحديث؛ لأنه يمكن الجمع بينهما فلعل مروان لما أنكروا عليه إخراج المنبر ترك إخراجه بعد وأمر ببنائه من لبن وطين بالمصلى، ولا بُعد في أن ينكر عليه تقديم