للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مالك. وقال: بلغني

ــ

أياماً للذبح بخلاف أهل الأمصار. وقال أبوسلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسليمان بن يسار: الأضحى إلى هلال المحرم لمن استأنى بذلك، وبه قال ابن حزم. روى البيهقي (ج٩ ص٢٩٧) وابن حزم في المحلى (ج٧ ص٣٧٨-٣٧٩) وابن أبي شيبة والدارقطني وأبوداود في المراسيل عن أبي سلمة وسليمان بن يسار قالا جميعاً: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الأضحى إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأني بذلك)) وهذا مرسل ضعيف، وروى أحمد وأبونعيم في مستخرجه من طريقه، والبيهقي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف يقول: إن كان المسلمون ليشتري أحدهم الأضحية فيسمنها فيذبحها بعد الأضحى آخر ذي الحجة. قال أحمد: هذا الحديث عجيب، يشير إلى أن زيادة قوله فيذبحها بعد الأضحى آخر ذي الحجة مستنكرة. قال البيهقي: حديث أبي سلمة وسليمان مرسل، وحديث أبي أمامة حكاية عمن لم يسم – انتهى. قلت: حديث أبي أمامة ليس من قسم الحديث المرفوع ولا الموقوف، بل هو من قسم المقطوع الذي ليس بحجة بالاتفاق. والقول الراجح من هذه الأقوال الخمسة عندي هو ما ذهب إليه الشافعي للأحاديث التي ذكرناها، وهي يقوي بعضها بعضاً، وقد أجاب عنه بعض من اختار القول الأول بجواب هو في غاية السقوط، وهو أنه لم يعمل بحديث جبير بن مطعم أحد من الصحابة، وقد عرفت أنه قول جماعة من الصحابة على أن مجرد ترك الصحابة من غير تصريح منهم بعدم الجواز لا يعد قادحاً، أما النهي عن ادخار لحوم لأضاحي فوق ثلاث فلا يدل على أن أيام الذبح ثلاثة فقط. قال ابن القيم: لأن الحديث دليل على نهي الذابح أن يدخر شيئاً فوق ثلاثة أيام من يوم ذبحه، فلو أخر الذبح إلى اليوم الثالث لجاز له الادخار ما بينه وبين ثلاثة أيام، والذين حددوه بالثلاث فهموا من نهيه عن الادخار فوق ثلاث أن أولها من يوم النحر، قالوا: وغير جائز أن يكون الذبح مشروعاً في وقت يحرم فيه الأكل، قالوا: ثم نسخ تحريم الأكل فبقي وقت الذبح بحاله، فيقال لهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه إلا عن الادخار فوق ثلاث لم ينه عن التضحية بعد ثلاث، فأين أحدهما من الآخر، ولا تلازم بين ما نهي عنه وبين اختصاص الذبح بثلاث لوجهين: أحدهما أنه يسوغ الذبح في اليوم الثاني والثالث فيجوز له الادخار إلى تمام الثلاث من يوم الذبح، ولا يتم لكم الاستدلال حتى يثبت النهي عن الذبح بعد يوم النحر، ولا سبيل لكم إلى هذا الثاني، لو ذبح في آخر جزء من يوم النحر لساغ له حينئذٍ الادخار ثلاثة أيام بعده بمقتضى الحديث – انتهى كلام ابن القيم. هذا، وقد ذهب بعض علمائنا إلى جواز التضحية إلى آخر ذي الحجة معتمداً على أثر أبي سلمة وسليمان بن يسار وأثر أبي أمامة المذكورين في معرض الاستدلال للقول الخامس، وقد رد عليه شيخ مشايخنا الشيخ الإمام الرحلة حسين بن محسن الأنصاري راداً مشبعاً في رسالة مستقلة سماها: إقامة الحجة في الرد على من ادعى جواز التضحية إلى آخر ذي الحجة، وهي ملحقة بفتاواه المطبوعة فعليك أن تطالعها. (رواه مالك) وأخرجه أيضاً البيهقي وابن حزم (وقال) أي مالك (وبلغني) وفي بعض النسخ بلغني أي بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>