الواو، ولفظ الموطأ أنه بلغه (عن علي بن أبي طالب مثله) بالرفع، أي مثل مروي ابن عمر، ولم أقف على من روى أثر علي موصولاً، نعم قال ابن حزم في المحلى (ج٣ ص٣٧٧) روينا من طريق ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمر وعن زر عن علي قال: النحر ثلاثة أيام، أفضلها أولها، قال ابن حزم: ابن أبي ليلى سيء الحفظ، والمنهال متكلم فيه – انتهى. وعزاه علي المتقي في الكنز (ج٣ ص٤٦) إلى ابن أبي الدنيا، وأخرج ابن عبد البر في التمهيد، وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا عن علي قال: الأيام المعدودات ثلاثة أيام: يوم النحر ويومان بعده، اذبح في أيها شئت، وأفضلها أولها. واعلم أنه وقع الخلاف في جواز التضحية في ليالي أيام الذبح. فقال أبوحنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبوثور والجمهور: إنه يجوز مع كراهة. قال ابن قدامة: وهو اختيار أصحابنا المتأخرين، وقال مالك في المشهور عنه، وعامة أصحابه، ورواية عن أحمد – واختارها الخرقي -: أنه لا يجزئ، بل يكون شاة لحم. قال الشوكاني: ولا يخفى أن القول بعدم الإجزاء وبالكراهة يحتاج إلى دليل، ومجرد ذكر الأيام في حديث جبير بن مطعم وإن دل على إخراج الليالي بمفهوم اللقب لكن التعبير بالأيام عن مجموع الأيام والليالي والعكس مشهور متداول بين أهل اللغة، لايكاد يتبادر غيره عند الإطلاق – انتهى. وأما ما أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يضحى ليلاً، ففي إسناده سليمان بن سلمة الخبايري، وهو متروك، كذا في مجمع الزوائد (ج٤ ص٢٣) ، واستدل بعضهم لذلك بقوله تعالى:{ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} قالوا: فلم يذكر الليل، قال ابن حزم في الرد عليه: إن الله تعالى لم يذكر في هذه ذبحاً ولا تضحية ولا نحراً، لا في نهار ولا في ليل، وإنما أمر الله تعالى بذكره في تلك الأيام المعلومات، أفترى يحرم ذكره في لياليهن؟ إن هذا لعجب، وليس هذا النص بمانع من ذكره تعالى وحمده على ما رزقنا من بهيمة الأنعام في ليل أو نهار في العام كله، ولا يختلفون فيمن حلف أن لا يكلم زيداً ثلاثة أيام أن الليل يدخل في ذلك مع النهار، قال: وذكروا حديثاً لا يصح، رويناه من طريق بقية بن الوليد عن مبشر بن عبيد الحلبي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الذبح بالليل. قال ابن حزم: بقية ليس بالقوي، ومبشر بن عبيد مذكور بوضع الحديث عمداً، ثم هو مرسل، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة؛ لأنهم يجيزن الذبح بالليل فيخالفونه فيما فيه ويحتجون به فيما ليس فيه، وقال قائل منهم: لما كانت ليلة النحر لا تجوز التضحية فيها، وكان يومه تجوز التضحية فيه كانت ليالي سائر أيام التضحية كذلك. قال ابن حزم: هذا القياس باطل؛ لأن يوم النحر هو مبدأ دخول وقت التضحية، وما قبله ليس وقتاً للتضحية، ولا يختلفون معنا في أن من طلوع الشمس إلى أن يمضي بعد أبيضاضها وارتفاع وقت واسع من يوم النحر لا تجوز فيه التضحية، فيلزمهم أن يقيسوا على ذلك اليوم ما بعده من أيام التضحية، فلا يجيزون التضحية فيها إلا بعد مضي مثل ذلك الوقت وإلا فقد تناقضوا وظهر فساد قولهم -