قال: والفرع: أول نتاج كان ينتج لهم، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتيرة: في رجب.
ــ
رواية للنسائي، وللإسماعيلي بلفظ: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووقع في رواية لأحمد: لا فرع ولا عتيرة في الإسلام، كذا في الفتح، وقيل: لعل صيغة النهي في رواية النسائي والإسماعيلي من بعض الرواة لزعمه أن المراد بالنفي النهي على أنه من قبيل قوله: {فلا رفث ولا فسوق} ، فعبر بالنهي لقصد النقل بالمعنى، والله تعالى أعلم. (قال: والفرع) قيل: هذا التفسير من سعيد بن المسيب، ففي سنن أبي داود من رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: الفرع أو النتاج ... الحديث، جعله موقوفاً على سعيد بن المسيب، وقال الخطابي: أحسب التفسير فيه من قول الزهري. قال الحافظ: قد صرح عبد المجيد بن أبي رواد عن معمر فيما أخرجه أبوقرة موسى بن طارق في السنن له بأن تفسير الفرع والعتيرة من قول الزهري. (أول نتاج) بكسر النون بعدها مثناة خفيفة وآخره جيم. (كان ينتج لهم) بضم أوله وفتح ثالثه، يقال: نتجب الناقة – بضم النون وكسر التاء الفوقية -، ولا يستعمل هذا الفعل إلا هكذا وإن كان مبنياً للفاعل. (كانوا) في الجاهلية (يذبحونه لطواغيتهم) أي لأصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، جمع طاغوت. وقيل: جمع طاغية ما كانوا يعبدونه من الأصنام وغيرها، زاد أبوداود عن بعضهم: ثم يأكلونه ويلقى جلده على الشجر، وفيه إشارة إلى علة النهي، واستنبط منه الجواز إذا كان الذبح لله جمعاً بينه وبين أحاديث جواز الفرع (والعتيرة) بالرفع (في رجب) أي شاة كانت تذبح في رجب، واعلم أنه اختلفت الأحاديث في حكم الفرع والعتيرة، فبعضها يدل على المنع، وهو حديث أبي هريرة هذا، وحديث ابن عمر عند ابن ماجه، وبعضها يدل على تأكد أمرهما، وهو حديث محنف الآتي، وحديث نبيشة الهذلي عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه والحاكم (ج٤ ص٢٣٦) والبيهقي (ج٩ ص٣١٢) ، وحديث عائشة عند أبي داود والحاكم والبيهقي وعبد الرزاق، وحديث أنس وابن عمر عند الطبراني في الأوسط، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أبي داود والنسائي والحاكم والبيهقي. وبعضها يدل على مجرد الجواز والإباحة من غير تأكد، وهو حديث الحارث بن عمرو عند أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي، وحديث أبي رزين العقيلي عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان، وحديث يزيد بن عبد الله المزني عن أبيه عند الطبراني في الكبير والأوسط، وحديث سمرة عند الطبراني في الكبير، وحديث ابن عباس عند الطبراني أيضاً، ذكر أكثر هذه الأحاديث الشوكاني في النيل، والعيني والحافظ في شرحيهما للبخاري، والنووي في شرح مسلم، واختلف العلماء في الجمع بين هذه الأحاديث والروايات القاضية بالمنع. فقيل: إنه يجمع بينها بحمل أحاديث الجواز على الندب، وأحاديث المنع على نفي الوجوب، قال الشافعي بعد تفسير الفرع بما حكينا عنه فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عما كانوا يصنعون في الجاهلية خوفاً أن يكره في الإسلام فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم اختياراً واستحباباً أن يتركوه حتى يحمل عليه في سبيل الله، وقوله: ((الفرع