الكثيرة واستدبار القبلة، فلذلك اختصت صلاة الكسوف بزيادة الركوع، فالأخذ به جامع بين العمل بالنص والقياس بخلاف من لم يعمل به – انتهى. وقد رد على هذا الوجه ابن حزم أيضاً فأجاد، فعليك أن ترجع إلى المحلى (ج٥ ص١٠١) . ومنها أن روايات التعدد متعارضة مضطربة. قال ابن الهمام: أحاديث تعدد الركوع مضطربة، والاضطراب موجب للضعف فوجب تركها. وفيه أن الاختلاف الواقع في روايات الفعل ليس اضطراباً قادحاً مورثاً للضعف فإن الاختلاف في الحديث من جهة الإسناد أو المتن إنما يورث الاضطراب الموجب للضعف إذا استوت وجوه الاختلاف وتساوت الروايات المختلفة، وأما إذا ترجحت إحداها بوجه من وجوه الترجيح قدمت ولا يعل الراجح بالمرجوح، يعني يكون العبرة للراجح، وههنا روايات تثنية الركوع أصح وأرجح وأقوى فيكون لها الاعتبار لا لروايات الزيادة على الركوعين ولا لروايات وحدة الركوع. هذا وتأول بعضهم أحاديث تعدد الركوع بتأويلات كلها أضاحيك نذكرها عبرة للناظرين وفي ذكرها غنى عن الرد. فمنها ما ذكره الفخر الزيلعي في شرح الكنز: أنه – عليه الصلاة والسلام – كان يرفع رأسه ليختبر حال الشمس هل انجلت أم لا فظنه بعضهم ركوعاً فأطلق عليه اسمه فلا يعارض ما روينا يعني من أحاديث وحدة الركوع – انتهى. قال الحافظ في الفتح: أجاب بعض الحنفية عن زيادة الركوع بحمله على رفع الرأس لرؤية الشمس هل انجلت أم لا، فإذا لم يرها انجلت رجع إلى ركوعه ففعل ذلك مرة أو مراراً فظن بعض من رآه يفعل ذلك ركوعاً زائداً. وتعقب بالأحاديث الصحيحة الصريحة في أنه أطال القيام بين الركوعين، ولو كان الرفع لرؤية الشمس فقط لم يحتج إلى تطويل ولا سيما الأخبار الصريحة بأنه ذكر ذلك الاعتدال ثم شرع في القراءة، فكل ذلك يرد هذا الحمل، ولو كان كما زعم هذا القائل لكان فيه إخراج لفعل الرسول عن العبادة المشروعة، أو لزم منه إثبات هيئة في الصلاة لا عهد بها وهو ما فر منه – انتهى كلام الحافظ. ومنها ما ذكره صاحب المحيط البرهاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ركع ركوعين على وجه الصورة لا على وجه الحقيقة؛ لأنه قربت إليه الجنة والنار، وإنما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه من الركوع فزعاً حين قربت منه النار، وكان ذلك رفعاً على وجه الصورة لا الحقيقة. ورد بما وقع من التصريح في الأحاديث الصحيحة بتطويل القيام الثاني وتطويل الركوع الذي بعده، وكذا تطويل الاعتدال الذي يليه السجود، وهذا كالصريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - ركع ركوعين ركوعاً حقيقة لا صورياً، وأن رفع الرأس لم يكن فزعاً على وجه الصورة، بل كان قياماً حقيقياً قرأ فيه قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ولو كان الرفع أي القيام فزعاً والركوع لأنه قربت إليه الجنة لم يقع التطويل فيهما كما لم يقع في تقدمه وتأخره، ويرد ذلك أيضاً أن الذي وقع منه - صلى الله عليه وسلم - حين قربت إليه الجنة والنار