وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً، وهو دون الركوع الأول، ثم رفع، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد
ــ
(وهو دون القيام الأول) أي الثالث (ثم ركع ركوعاً) رابعاً (طويلاً) وقدروه بنحو خمسين آية تقريباً (وهو دون الركوع الأول) أي الثالث (ثم رفع) رأسه للقومة (ثم سجد) أي سجدتين كذلك (ثم انصرف) من الصلاة (وقد تجلت الشمس) بفوقية وشد لام أي انكشفت، وفي حديث جابر عند مسلم: فانصرف وقد آضت الشمس، وعند أبي داود: فقضى الصلاة وقد طلعت الشمس، وفي حديث قبيصة عند النسائي: فوافق انصرافه انجلاء الشمس، وفي حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود ففرغ من صلاته وقد امحصت الشمس، والمراد أنه انصرف من الصلاة بالسلام بعد التشهد، والحال أن الشمس انجلت بين جلوسه للتشهد والسلام، كما في حديث عبد الله بن عمر، وعند البخاري: ثم جلس ثم جلى عن الشمس، وفي حديث سمرة عند أبي داود والنسائي: فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية ثم سلم، وفي حديث عبد الله بن عمرو عند النسائي: ثم رفع رأسه – أي من السجدة – وانجلت الشمس، وفي حديث أبي بن كعب الآتي: ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها، فهذه الروايات كلها تدل على أن الانجلاء كان في الجلوس آخر الصلاة، وحديث عبد الرحمن بن سمرة عند مسلم يدل بظاهره أن انجلاء الشمس وقع قبل الشروع في الصلاة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتدأ صلاة الكسوف بعد الانجلاء، وهو خلاف جميع الروايات وخلاف ما ذهب إليه العلماء، وسيأتي توجيهه. (فقال) بإلفاء، وللأصيلي: وقال. ذكره القسطلاني يعني أنه خطب فقال في خطبته بعد الحمد والثناء على الله. (إن الشمس والقمر) فيه إيماء إلى أن حكم صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر واحد. (آيتان) أي علامتان (من آيات الله) أي الدالة على وحدانيته وقدرته وعظمته أو على تخويف عباده من بأسه وسطوته، ويؤيده قوله تعالى:{وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً}[الإسراء: ٥٩] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي بكرة وأبي موسى عند البخاري: يخوف الله بهما عباده)) أو أنهما مسخران لقدرة الله وتحت حكمه ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما. (لا يخسفان) بفتح فسكون فكسر على أنه لازم، ويجوز ضم أوله على متعدٍ أي لا يذهب الله نورهما، وأتى بالتذكير تغليباً للقمر طبق القمرين. (لموت أحد) من العظماء كما توهمه بعض الناس تبعاً لما كان يعتقده أهل الجاهلية أن كسوف الشمس والقمر لا يكون إلا لموت عظيم، وقد وقع في رواية للبخاري من حديث أبي بكرة بيان سبب هذا القول، ولفظها: وذلك أن ابناً للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له إبراهيم مات، فقال الناس في ذلك، وعند ابن حبان: فقال الناس: إنما كسفت الشمس لموت إبراهيم، وفي حديث النعمان بن بشير الآتي: ثم