فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا
ــ
ضعيف؛ لأن الخطبة لا تنحصر مقاصدها في شيء معين بعد الإتيان بما هو المطلوب منها من الحمد والثناء والموعظة، وقد يكون بعض هذه الأمور داخلاً في مقاصدها مثل ذكر الجنة والنار وكونهما من آيات الله، بل هو كذلك جزماً – انتهى. قال الحافظ: وجميع ما ذكر من سبب الكسوف وغيره هو من مقاصد خطبة الكسوف فينبغي التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيذكر الإمام ذلك في خطبة الكسوف – انتهى. وذكر الزيلعي كلام ابن دقيق العيد بتمامه ولم يتعقبه بشيء. قال صاحب الهداية من الحنفية: ليس في الكسوف خطبة؛ لأنه لم ينقل. وتعقب بأن الأحاديث قد ثبتت فيه، وهي ذات كثرة، قال الزيلعي في نصب الراية (ج٢ ص٢٣٦) بعد ذكر كلام صاحب الهداية المذكور: هذا غلط، ثم ذكر أحاديث أسماء وابن عباس وعائشة متفق عليها، وحديث جابر عند مسلم، وحديث سمرة عند أحمد وحديث عمرو بن العاص عند ابن حبان، وكلها مشتمل على ذكر الخطبة، وما قال فيها، وقال الحافظ في الدراية (ص١٣٨) بعد ذكر كلام صاحب الهداية: وهذا النفي مردود بما في الصحيحين عن أسماء: ثم انصرف بعد أن تجلت الشمس فقام فخطب الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه....الحديث، وفي المتفق أيضاً عن ابن عباس وعائشة، ولمسلم عن جابر ولأحمد والحاكم عن سمرة ولابن حبان عن عمرو بن العاص – انتهى. قال بعض الحنفية: لعل مراد صاحب الهداية بقوله: "لم ينقل" أي الأمر بها كما نقل الأمر بالصلاة والذكر والدعاء وغير ذلك. قلت: صاحب الهداية قد نفى نقل الخطبة مطلقاً، وهو الذي فهمه الزيلعي والحافظ، ولذلك اتفقا على تغليطه والرد عليه، والاحتمال الذي ذكره هذا البعض خلاف الظاهر فهو مردود. واحتج بعض أصحاب مالك على ترك الخطبة بأنه لم ينقل في الحديث أنه صعد المنبر. وقد زيفه ابن المنير بأن المنبر ليس شرطاً، ثم لا يلزم من أنه لم يذكر أنه لم يقع، قلت: ورد ذكر صعود المنبر صريحاً في حديث عائشة عند النسائي وحديث أسماء عند أحمد (ج٦ ص٣٥٤) ، قال الحافظ: صرح أحمد والنسائي وابن حبان في روايتهم بأنه صعد المنبر، وكذا قال الزيلعي في نصب الراية (فحمد الله وأثنى عليه) زاد النسائي والبيهقي والحاكم في حديث سمرة وشهد أنه عبد الله ورسوله. (فإذا رأيتم ذلك) أي الكسوف في أحدهما (فادعوا الله) قال القسطلاني: وللحموي والمستملي: ((فاذكروا الله)) ، بدل رواية الكشمهيني ((فادعوا الله)) انتهى. قال ابن الملك: إنما أمر بالدعاء لأن النفوس عند مشاهدة ما هو خارق للعادة تكون معرضة عن الدنيا ومتوجهة إلى الحضرة العلياء فتكون أقرب إلى الإجابة (وكبروا) أي عظموا الرب أو قولوا: الله أكبر (وصلوا) أي صلاة الكسوف والخسوف كما صليتم الآن، وروى البخاري عن أبي مسعود قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: