مارية قبطية سرية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد أهداها إليه المقوقس صاحب الاسكندرية ومصر، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وتوفي وهو ابن ستة عشر شهراً، وقيل: سبعة عشر، وقيل: ثمانية عشر، وهو أصح، ودفن بالبقيع، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن له مرضعاً يتم رضاعه في الجنة)) ، وقد ذكر جمهور أهل السير أنه مات بالمدينة في السنة العاشرة من الهجرة، ثم اختلفوا، فقيل: في ربيع الأول، وقيل: في رمضان، وقيل: في ذي الحجة، قيل: في عاشر الشهر، وعليه الأكثر، وقيل: في رابعه، وقيل: في رابع عشرة، ولا يصح شيء منها على قول ذي الحجة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذ ذاك بمكة في الحج، وقد ثبت أنه شهد وفاته وكانت بالمدينة بلا خلاف، نعم قيل: إنه مات سنة تسع، فإن ثبت يصح، وذكر الواقدي أنه مات يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر، وتقدم قول ابن تيمية: أنه من نقل أنه مات عاشر الشهر فقد كذب، وتقدم أيضاً الإشارة إلى تحقيق المرحوم محمود باشا الفلكي ليوم الكسوف الذي حصل في السنة العاشرة يوم مات فيه إبراهيم – عليه السلام -. وحاصله أن الشمس كسفت بالمدينة في الساعة ٨ والدقيقة ٣٠ صباحاً يوم الاثنين ٢٩ شوال سنة ١٠ الموافق ليوم ٢٧ يناير سنة ٦٣٢ ميلادية، وعلى هذا يكون ولادته في جمادى الأولى سنة ٩، وعمره ثمانية عشر شهراً أو سبعة عشر أو ستة عشر على اختلاف في الروايات بإدخال شهري الميلاد والوفاة على الأول وإخراجهما على الثالث وإدخال أحدهما على الثاني (فصلى بالناس ست ركعات) أي ركوعات إطلاقاً للكل وإرادة الجزء (بأربع سجدات) أي في ركعتين فيكون في كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان، قال الطيبي: أي صلى ركعتين كل ركعة بثلاث ركوعات – انتهى. والحديث قد اختلف فيه على جابر، فروى عنه عطاء كما ترى فصلى بالناس ست ركعات، وروى عنه أبوالزبير أنه صلى ركعتين بأربع ركوعات، أخرجه مسلم وأحمد والنسائي، ورواية عطاء مع كونها في صحيح مسلم قد أعلها البيهقي، إذ قال (ج ٣ ص٣٢٦) بعد رواية حديث جابر من طريق عطاء مطولاً ما لفظه: من نظر في هذه القصة وفي القصة التي رواها أبوالزبير عن جابر علم أنه قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفي إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر، ورواية عطاء بن يسار وكثيرة بن عباس عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر، ورواية أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعين، وفي حكاية أكثرهم قوله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ:((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ... )) الخ دلالة على أنه صلاها يوم توفي ابنه فخطب، وقال هذه المقالة رداً لقولهم: إنما كسفت لموته، وفي اتفاق هؤلاء العدد مع فضل حفظهم دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل البخاري – رحمهما الله تعالى – انتهى. وحاصله أن رواية أبي الزبير عن جابر أرجح لاتفاق الشيخين على