فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره)) متفق عليه.
١٤٩٩- (٦) وعن جابر قال: انكسفت الشمس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
ــ
ويكون ذلك وقت تجليه سبحانه وتعالى عليهما، فالتجلي سبب لكسوفهما، قضت العادة بأنه يقارن توسط الأرض ووقوف جرم القمر، لا مانع من ذلك ولا ينبغي منازعة الفلاسفة فيما قالوا إذا دلت عليه براهين قطعية – انتهى. قال السندي: ويحتمل أن المراد إذا بدا – هذا لفظ أحمد والنسائي – أي بدو الفاعل للمفعول أي إذا تصرف في شيء من خلقه بما يشاء خشع له أي قبل ذلك ولم يأب عنه – انتهى. وقال ابن دقيق العيد: ربما يعتقد بعضهم الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله: ((يخوف الله بهما عباده)) وليس بشيء؛ لأن لله أفعالاً على حسب الأسباب العادية، وأفعالاً خارجة عن تلك الأسباب، وقدرته حاكمة على كل سبب ومسبب، فيقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض، وإذا ثبت ذلك فأصحاب المراقبة لله ولأفعاله الذين عقدوا أبصار قلوبهم بوحدانيته وعموم قدرته على خرق العادة واقتطاع المسببات عن أسبابها وأنه يفعل ما يشاء، إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة اعتقادهم المذكور، وذلك لا يمنع أن يكون ثمة أسباب تجرى عليها العادة إلى يشاء الله تعالى خرقها، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عند اشتداد هبوب الريح يتغير ويدخل ويخرج خشية أن تكون كريح عاد، وإن كان هبوب الريح موجوداً في العادة، وحاصله أن الذي يذكره أهل الحساب إن كان حقاً في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفاً لعباد الله تعالى، وذكر ابن القيم في كتاب مفتاح السعادة توجيهاً آخر لذلك، وقد نقله السيوطي في حاشية النسائي فارجع إليها. (فإذا رأيتم شيئاً من ذلك) أي مما ذكر من الآيات (فافزعوا) بفتح الزاي أي التجأوا من عذابه أو توجهوا (إلى ذكره) ومنه الصلاة (ودعاء واستغفاره) يقال: فزعت إلى الشيء أي لجأت إليه، ويقال: فزعت إلى فلان فأفزعني أي لجأت إليه فألجأني واستعنت به فأعانني، في الحديث إشارة إلى المبادرة إلى ما أمر به، وتنبيه على الالتجاء إلى الله تعالى عند المخاوف بالدعاء والاستغفار، وإشارة إلى أن الذنوب سبب البلايا والعقوبات العاجلة أيضاً، وأن الاستغفار والتوبة سببان للمحو يرجى بهما زوال المخاوف. قال الحافظ: استدل بالحديث على أن الأمر لمبادرة إلى الذكر والدعاء والاستغفار وغير ذلك لا يختص بالكسوفين؛ لأن الآيات أعم من ذلك، ولم يقع في هذه الرواية ذكر الصلاة، فلا حجة فيه لمن استحبها عند كل آية، وقال العيني: قوله ((فافزعوا إلى ذكر الله)) حجة لمن قال ذلك؛ لأن الصلاة يطلق عليها ذكر الله؛ لأن فيها أنواعاً من ذكر الله تعالى. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً النسائي والبيهقي (ج٣ ص٣٤٠) .
١٤٩٩- قوله (انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وأمه