(ج٣ ص٣٤٧) وقال تفرد به النعمان بن راشد. وقال في الخلافيات: رواته ثقات. ومنها حديث ابن عباس أخرجه أحمد وأصحاب السنن وأبوعوانة وابن حبان والحاكم والبيهقي والدارقطني، وصححه الترمذي وأبوعوانة وابن حبان. ومنها: حديث عائشة أخرجه أبوداود وقال: إسناده جيد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وأبوعوانة والبيهقي، وصححه الحاكم وابن السكن، وسيأتي في الفصل الثالث. قال الشيخ: فهذه الأحاديث حجة بينه لقول الجمهور، وهي حجة على الإمام أبي حنيفة – انتهى. ويدل لقول الجمهور أيضاً ما روى البخاري ومسلم والبيهقي عن أبي إسحاق قال: خرج عبد الله بن يزيد الأنصاري – وقد كان رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان خروجه إلى الصحراء بأمر عبد الله بن الزبير حين كان أميراً على الكوفة من جهته -، وخرج معه البراء بن عازب وزيد بن أرقم فاستسقى فقام لهم على رجليه على غير منبر فاستسقى ثم صلى ركعتين يجهر بالقراءة ولم يؤذن ولم يقم. قال الشيخ عبد الحي اللكنوي في تعليقه (ص١٥٥) على موطأ الإمام محمد بعد ذكر الأحاديث الأربعة المرفوعة ما نصه: وبه ظهر ضعف قول صاحب الهداية في تعليل مذهب أبي حنيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسقى، ولم ترو عنه الصلاة – انتهى. فإنه إن أراد أنه لم يرو بالكلية، فهذه الأخبار تكذبه، وإن أراد أنه لم يرو في بعض الروايات – أو في كثير من الروايات – فغير قادح – انتهى. قال العيني في شرح البخاري (ج٧ ص٣٥-٣٦) قال أبوحنيفة: ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإن صلى الناس وحداناً جاز، إنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار لقوله تعالى:{استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. يرسل السماء عليكم مدراراً}[نوح: ١٠-١١] ، علق نزول الغيث بالاستغفار لا بالصلاة، فكان الأصل فيه الدعاء دون الصلاة، ويشهد لذلك أحاديث، ثم ذكر أحاديث الاستسقاء وآثاره التي ليس فيها ذكر الصلاة، ثم قال: فهذه الأحاديث والآثار كلها تشهد لأبي حنيفة أن الاستسقاء دعاء واستغفار – انتهى. وأجيب عن الآية بأنها لا تنافي سنية الصلاة في الاستسقاء، إذ ليس فيها نفيها، وكذا ليس فيها حصر الاستسقاء في الدعاء والاستغفار، بل هي ساكتة عن ذكر الصلاة نفياً وإثباتاً، وقد ثبت بأحاديث صحيحة أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى مع الناس في الاستسقاء فالاستدلال لأبي حنيفة بالآية ليس بصحيح، ولذلك خالفه صاحباه الإمام أبويوسف ومحمد وغيرهما، وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي: الفتوى على قول صاحبيه. وأما الأحاديث التي ذكرها العيني ونقلها عنه صاحب الأوجز فليس فيها أنه - صلى الله عليه وسلم - استسقى ولم يصل بل غاية ما فيها ذكر الاستسقاء بدون ذكر الصلاة ولا يلزم من عدم ذكر الشيء عدم وقوعه فالاستشهاد بها لأبي حنيفة على عدم كون الصلاة في الاستسقاء سنة غير صحيح. قال النووي: أما الأحاديث التي ليس فيها ذكر الصلاة فبعضها محمول على نسيان الراوي، وبعضها كان في الخطبة للجمعة، ويتعقبه الصلاة للجمعة