الأعلى من جانب اليمين والطرف المقبوض بيده اليسرى على كتفه الأعلى من جانب اليسار، فإذا فعل ذلك فقد انقلب اليمين يساراً واليسار يميناً والأعلى أسفل وبالعكس، ذكر الواقدي أن طول ردائه - صلى الله عليه وسلم - كان في ستة أذرع في ثلاثة أذرع، وطول إزاره أربعة أذرع وشبرين في ذراعين وشبر كان يلبسهما في الجمعة والعيد – انتهى. وفيه دليل على استحباب تحويل الرداء في هذه العبادة، وخالف أبوحنيفة في ذلك فأنكر استنانه واستحبابه، وقال: كان ذلك تفاؤلاً بتغيير الحال كما جاء مصرحاً عند الدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر بلفظ: وحول رداءه ليتحول القحط. قال الحافظ: رجاله ثقات، ورجح الدارقطني إرساله، وفي الطوالات للطبراني من حديث أنس بلفظ: وقلب رداءه لكي ينقلب القحط إلى الخصب. قلت: كون التحويل للتفاؤل لا ينافي استحبابه عند الدعاء في الاستسقاء في الصحراء، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع. قال ابن دقيق العيد: وقال من احتج لأبي حنيفة: إنما قلب رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع اليدين في الدعاء أو عرف من طريق الوحي تغيير الحال عند تغيير ردائه. قلنا: القلب من جهة أخرى أو من ظهر إلى بطن لا يقتضي الثبوت على العاتق، بل أي حالة اقتضت الثبوت أو عدمه في إحدى الجهتين فهو موجود في الأخرى، وإن كان قد قرب من السقوط تلك الحال فيمكن تثبيته من غير قلب، والأصل عدم ما ذكر من نزول الوحي بتغير الحال عند تغيير الرداء، والاتباع لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى من تركه لمجرد احتمال الخصوص مع ما عرف من الشرع من صحة التفاؤل – انتهى. ويستحب أن يحول الناس بتحويل الإمام، وهو قول الجمهور: مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، لما روى أحمد من حديث عبد الله بن زيد بلفظ: وحول الناس معه، وقال الليث وأبويوسف ومحمد وابن المسيب وعروة والثوري: يحول الإمام وحده، والحق ما ذهب إليه الجمهور؛ لأن الظاهر أن تحويلهم كان عن علمه - صلى الله عليه وسلم -، فتقريره إياهم إذ حولوا على كونه سنة في حقهم أيضاً، واستثنى الشافعية والمالكية النساء، فقالوا: لا يستحب في حقهن، وظاهر قوله: وحول الناس معه أنه يستحب ذلك للنساء أيضاً. (حين استقبل القبلة) وفي رواية لمسلم: لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه، وفي أخرى له: فجعل إلى الناس ظهره يدعو الله واستقبل القبلة وحول رداءه، وأفادت هذه الروايات أن التحويل وقع في أثناء الخطبة عند إرادة الدعاء حال استقبال القبلة، وفي رواية للبخاري: فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه، قال الحافظ: ظاهره أن الاستقبال وقع سابقاً لتحويل الرداء، وهو ظاهر كلام الشافعي، ووقع في كلام كثير من الشافعية أنه يحوله حال الاستقبال – انتهى. وقيل: يحمل "ثم" في رواية البخاري على معنى "الواو" لتوافق الروايات الأخرى. واعلم أنه لم يرد في حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين التصريح بالخطبة، وإنما ذكر تحويل الظهر إلى