للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢١- (٤٣) وعن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلاً قال: {ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا. أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل، وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون}

ــ

و (ج٥:ص٦٨) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٧:ص١٨٦) : رجاله رجال الصحيح. وفي معني الحديث عن عبد الرحمن بن قتادة السلمى عند أحمد والحاكم، وعن أنس عند أبي يعلى، وعن أبي موسى وأبي سعيد وابن عمر ومعاذ بن جبل وآخرين، ذكرهم أحاديثهم الهيثمي في مجمع الزوائد مع الكلام عليها.

١٢١- قوله: (أخذ الله الميثاق) يعني العهد أي أراد أخذه بدليل قوله: "فأخرج"، (بنعمان) كسلمان موضع بقرب عرفة بين مكة والطائف، قال الراوي (يعني عرفة) أي بقرب عرفة وبجوارها. (ذرأها) أي خلقها إلى يوم القيامة (فنثرهم) أي بثهم وفرقهم ونشرهم (بين يديه) أي قدام آدم (كالذر) أي مشبهين بالنمل في صغر الصورة. (ثم كلمهم قبلاً) بضمتين وهو حال، أي كلمهم عيانا ومقابلة لا من وراء حجاب ولا أن يأمر أحداً من ملائكته (قال) استئناف بيان، وقيل بدل "من كلمهم". (ألست بربكم قالوا بلى) أنت ربنا، والصحيح أن جوابهم بقول "بلى" كان بالنطق وهم أحياء، عقلاء. (شهدنا) هذا من تتمة المقول، أي شهدنا على أنفسنا بذلك وأقررنا بوحدانيتك. (أن تقولوا) أي فعلنا ذلك كراهة أن تقولوا أي احتجاجا أو لئلا تقولوا (يوم القيامة) ظرف "أن تقولوا" (إنا كنا عن هذا) أي الميثاق أو الإقرار بالربوبية (غافلين) أي جاهلين لا نعرفه ولا نبهنا عليه. (إنما أشرك آباؤنا من قبل) أي من قبل ظهورنا ووجودنا أو من قبل إشراكنا (وكنا ذرية من بعدهم) أي فاقتدينا بهم، فاللوم عليهم لا علينا (أفتهلكنا) أي أتعلم ذلك فتعذبنا (بما فعل المبطلون) من آبائنا بتأسيس الشرك، والمعنى لا يمكنهم الاحتجاج بذلك مع إشهادهم على أنفسهم بالتوحيد والتذكير به على لسان صاحب المعجزة قائم مقام ذكره في النفوس. هذا، وقد تقدم في شرح حديث عمر في الفصل الثاني أن المعتزلة قالوا: لا يجوز تفسير هذه الآية بحديث عمر. وفي معناه حديث ابن عباس هذا، قال التوربشتي: لايحتمل حديث ابن عباس من التأويل ما يحتمله حديث عمر، ولا أرى المعتزلة يقابلون هذه الحجة إلا بقولهم: حديث ابن عباس هذا من الآحاد فلا نترك به ظاهر الكتاب. وإنما هربوا من القول في معنى الآية بما يقتضيه ظاهر الحديث، لمكان قوله: أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. فقالوا إن كان هذا الإقرار عن اضطرار حيث كوشفوا بحقيقة الأمر وشاهدوه عين اليقين فلهم يوم القيامة أن يقولوا شهدنا يومئذٍ فلما زال عنا علمنا بالضرورة ووكلنا إلى آرائنا كان منا من أصاب ومنا من أخطأ، وإن كان عن استدلال ولكنهم عصموا عنده من الخطأ فلهم أن يقولوا أيدنا يوم الإقرار بالتوفيق والعصمة، وحرمناهما

<<  <  ج: ص:  >  >>