للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد.

١٢٢- (٤٤) وعن أبي كعب في قول الله عزوجل: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} قال: جمعهم فجعلهم أزواجاً ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا،

ــ

من بعد، ولو مددنا بهما لكانت شهادتنا في كل حين كشهادتنا في اليوم الأول. فقد تبين أن الميثاق ما ركز الله فيهم من العقول وآتاهم وأباءهم من البصائر؛ لأنها هي الحجة الباقية المانعة لهم أن يقولوا إناكنا عن هذا غافلين.؛ لأن الله تعالى جعل هذا الإقرار حجة عليهم في الإشراك كما جعل بعث الرسل حجة عليهم في الإيمان بما أخبروا به من الغيوب. قال الطيبي: وخلاصة ما قالوه أنه يلزم أن يكونوا محتجين يوم القيامة بأنه زال عنا علم الضرورة ووكلنا إلى آرائنا، فيقال لهم: كذبتهم بل أرسلنا رسلنا تترى يوقظونكم من سنة الغفلة. وأما قولهم حرمنا من التوفيق والعصمة من بعد ذلك، فجوابه: أن هذا مشترك الإلزام إذلهم أن يقولوا لا منفعة لنا في العقول والبصائر حيث حرمنا عن التوفيق والعصمة، والحق أن تحمل الأحاديث الواردة على ظواهرها ولا يقدم على الطعن فيها بأنها آحاد لمخالفتها لمعتقد أحد، ومن أقدم على هذا فقد خالف طريقة السلف الصالحين؛ لأنهم كانوا يثبتون خبر واحد عن واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجعلونه سنة – انتهى. وقال القطب الشيرازي ما حاصله: أن الله سبحانه وتعالى كان له ميثاقان مع بني آدم، أحدهما تهتدي إليه العقول من نصب الأدلة الباعثة على الاعتراف الحالي. وثانيهما المقالى الذي لا يهتدي إليه العقل بل يتوقف على توقيف واقف على أحوال العباد من الأزل إلى الأبد كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعلم الأمة ويخبرهم عن أن وراء الميثاق الذي يهتدون إليه بعقولهم ميثاقاً آخر أزلياً، فقال ما قال من مسح ظهر آدم عليه السلام في الأزل وإخراج الذرية من ظهره ليعرف منه أن هذا النسل الذي يخرج فيما لا يزال من أصلاب بني آدم الذر الذي أخرج في الأزل من صلب آدم، وأخذ منه الميثاق المقالي الأزلي كما أخذ منهم ما لا يزال بالتدريج حين أخرجوا الميثاق الحالي اللايزالي –انتهى. (رواه أحمد) (ج١:ص٢٧٢) . وقال الهيثمي (ج٧:ص١٨٩) : رجاله رجال الصحيح. وأخرجه أيضاً النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى، وابن جرير، والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه – انتهى. وقد روي هذا الحديث موقوفاً على ابن عباس، قال ابن كثير: وهذا أي كونه موقوفاً على ابن عباس أكثر وأثبت – انتهى. لكنه في حكم المرفوع؛ لأنه لا مسرح للاجتهاد فيه ولا مجال، فإنه لا سبيل إليه إلا السماع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويؤيده حديث عبد الله بن عمرو عند ابن جرير، وحديث أبي أمامة عند الطبراني وابن مردويه، وأثر أبي بن كعب الآتي بعده.

١٢٢- قوله: (في قول الله عزوجل) أي في تفسير قوله تعالى: (قال) أي أبي (جمعهم) أي الله بعد أن أخرجهم (أزواجاً) أي ذكوراً وإناثاً أو أصنافاً وهو الأظهر، وفسر الأصناف بقوله الآتي: فرأى الغني والفقير (ثم صورهم) أي على صورهم التي يكونون عليها بعد (فاستنطقهم) أي خلق فيهم العقل وطلب منهم النطق (فتكلموا)

<<  <  ج: ص:  >  >>