ثم أخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم، ألست بربكم؟ قالوا بلى، قال: فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا، إعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئاً، إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي، قالوا شهدنا بأنك ربنا وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك. فأقروا بذلك، ورفع عليهم آدم - عليه السلام - ينظر إليهم، فرأى الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك، فقال: رب لولا سويت بين عبادك؟ قال: إني أحببت أن أشكر. ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور، خصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة،
ــ
سيأتي. (أشهدهم على أنفسهم) أي على ذواتهم أو قال لهم أشهدوا على أنفسكم (ألست بربكم) إما استئناف بيان وإما التقدير: أشهدهم بقوله: ألست بربكم. أي استشهدهم بهذا (قالوا بلى) أي شهدنا (فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع) أي زيادة على شهادتكم على أنفسكم (أن تقولوا) أي لئلا تقولوا (إعلموا) أي تحققوا الآن قبل مجيء ذلك الزمان وتبين الأمر بالعيان (إني) بكسر الهمزة استئناف أي إني مع هذا البيان (وأنزل عليكم كتبي) بواسطة رسلي فيها تبيان كل شيء مما يتعلق بعهدي وميثاقي (فأقروا بذلك) أي بجميع ما ذكر (ورفع) بالبناء للمجهول (عليهم) أي أشرف عليهم من مقام عال (ينظر إليهم) حال أو مفعول له بتقدير أن (فرأى) أي آدم منهم (الغني) صورة ومعنى باعتبار الآثار اللائحة (والفقير) يداً وقلباً. (وحسن الصورة) الظاهرة والباطنة (ودون ذلك) أي في الحسن أو غير ما ذكر (للولا سويت) أي لم ما سويت؟ (بين عبادك) والقصد به أن يبين له حكمته (إني أحببت أن أشكر) بصيغة المجهول، قال ابن حجر المكي: إن الغني يرى عظيم نعمة الغنى، والفقير يرى عظيم نعمة المعافاة من كدر الدنيا ونكدها وتعبها الذي لا حاصل له غير طول الحساب وترادف المحن وتوالي العذاب، وحسن الصورة يرى ما منحه من ذلك الجمال الظاهر الدال على الجمال الباطن غالباً، وغيره يرى أن عدم الجمال أدفع للفتنة وأسلم من المحنة، فكل هؤلاء يرون مزيد تلك النعم عليهم فيشكرون عليها، ولو تساووا في وصف واحد لم يتيقظوا لذلك. (ورأى) أي آدم (الأنبياء فيهم) أي حال كونهم مندرجين في جملتهم (مثل السرج) بضمتين جمع سراج بكسر المهملة (عليهم النور) أي يغلب عليهم النور كأنه بيان لوجه شبههم بالسرج (خصوا) بصيغة المجهول (بميثاق آخر) بعدما دخلوا في ميثاق العوام للاهتمام التام بمرامهم عليهم الصلاة والسلام، فقوله:" خصوا "إستئناف أو صفة للأنبياء (في الرسالة والنبوة) أي في شأنهما والقيام بحقهما بماشاءالله أو بما