للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.........................

ــ

لأن الظاهر أنه لا يرقاه إلا للخطبة، ولم يتفرد به عثمان ومحمد بن عبيد، بل قد تابعهما أبوثابت المدني محمد بن عبيد الله بن محمد عند البيهقي، وهو أيضاً ثقة، فهي زيادة صحيحة، رواها جماعة من الثقات ولا يضرها سكوت من سكت عنها، ولا دليل على كونها وهما فلابد من قبولها. ثم إنه اختلفت الأحاديث في وقت الخطبة للاستسقاء، ففي حديث عبد الله بن زيد عند أحمد (ج٤ ص٤١) وحديث أبي هريرة أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وفي حديث عائشة عند أبي داود وغيره أنه بدأ بالخطبة قبل الصلاة، وكذا في حديث ابن عباس عند أبي داود ففيه خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - متبذلاً متواضعاً متضرعاً حتى أتى المصلى فرقى المنبر فلم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ثم صلى ركعتين، وقد استدل بها على أن الخطبة قبل الصلاة لكن ليس فيها التصريح بأنه خطب، واختلفوا في دفع هذا الاختلاف، فقال الزيلعي في نصب الراية (ج٣ ص٢٤٢) بعد ذكر الروايات المذكورة: ولعلهما واقعتان، وقال ابن قدامة: يحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل الأمرين، ورجح البيهقي رواية تقديم الصلاة على الخطبة من حديث عبد الله بن زيد، كما يظهر من كلامه في باب ذكر الأخبار التي تدل على أنه دعا أو خطب قبل الصلاة (ج٣ ص٣٤٨-٣٤٩) ، قال القرطبي: ويعتضد القول بتقديم الصلاة على الخطبة بمشابهتها للعيد، وكذا ما تقرر من تقديم الصلاة أمام الحاجة، ورجح بعضهم تقديم الخطبة. قال ابن رشد في الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك بأنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالدعاء ثم صلى ركعتين ثم خطب فاقتصر بعض الرواة على شيء، وبعضهم على شيء، وعبر بعضهم عن الدعاء بالخطبة، فلذلك وقع الاختلاف – انتهى. واختلف أيضاً مذاهب العلماء في محل الخطبة، واختلافهم إنما هو في الاستحباب لا في الجواز، فالمرجح عند مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد: الشروع بالصلاة، وهو المشهور عن أحمد. قال ابن عبد البر: وعليه جماعة الفقهاء. وقال النووي: وبه قال الجماهير، وذهب ابن حزم والليث وابن المنذر إلى أن الخطبة قبل الصلاة، وروي ذلك عن عمر – رضي الله عنه – وابن الزبير وأبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، كما في سنن الأثرم، وعن أحمد رواية كذلك، قال النووي: وكان مالك يقول به ثم رجع إلى قول الجماهير. قال أصحابنا: ولو قدم الخطبة على الصلاة صحتا، ولكن الأفضل تقديم الصلاة كصلاة العيد وخطبتها، وجاء في الأحاديث ما يقتضي جواز التقديم والتأخير، واختلفت الرواية في ذلك عن الصحابة – انتهى. وعن أحمد رواية ثالثة أنه مخير في الخطبة قبل الصلاة وبعدها. قال ابن قدامة: لورود الأخبار بكلا الأمرين ودلالتها على كلتا الصفتين، فيحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل الأمرين – انتهى. وقال الشوكاني بعد ذكر القولين الأولين ما لفظه:

<<  <  ج: ص:  >  >>