ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستيخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت الغني، ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه، فلم يترك الرفع حتى بدا
ــ
خرج ومعه البراء بن عازب وزيد بن أرقم فاستسقى فقام لهم على رجليه على غير منبر فاستسقى ثم صلى ركعتين- الحديث. لأن إخراج المنبر والصعود عليه لخطبة الاستسقاء ليس واجباً ولا سنة مؤكدة فلا يكون في تركه الأمر بإخراج المنبر وفي تركهم الإنكار عليه دليل على كونه خلاف السنة (إنكم شكوتم) إلى الله ورسوله (جدب دياركم) بفتح الجيم وسكون المهملة أي قحطها (وأستيخار المطر) أي تأخره. قال الطيبي: والسين للمبالغة يقال: استأخر الشيء إذا تأخر تأخراً بعيداً (عن إبان زمانه) بكسر الهمزة بعدها باء موحدة مشددة أي عن أول زمان المطر والإبان أول الشيء. قال في النهاية: قيل نونه أصلية فيكون فعالاً، وقيل زائدة فيكون فعلان من آب الشيء يؤب إذا تهيأ للذهاب، وفي القاموس: إبان الشيء بالكسر حينه أو أوله (عنكم) متعلق باستيخار (وقد أمركم الله) في كتابه (أن تدعوه) أي دائما خصوصا عند الشدائد. قال تعالى:{أدعوني أستجب لكم}[غافر:٦٠](ووعدكم أن يستجيب لكم) كما في الآية الأولى، وفي قوله:{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}[البقرة: ١٨٦](مالك يوم الدين) قال القاري: بالألف في جميع النسخ- انتهى. وكذا وقع في جامع الأصول (ج٧:ص١٣٧) وفي سنن أبي داود: ملك يوم الدين بقصر الميم أي بلا ألف بعد الميم، وكذا عند البيهقي قال أبوداود بعد رواية الحديث أهل المدينة يقرؤون ملك يوم الدين (بغير ألف) وأن هذا الحديث حجة لهم – انتهى. (ونحن الفقراء) أي إلى إيجادك وإمدادك (الغيث) أي المطر الذي يغيثنا من الضرر (ما أنزلت) أي من الخير المنزل (قوة) أي سبباً لقوتنا على الطاعة (وبلاغنا) أي زاداً يبلغنا (إلى حين) أي إلى زمان طويل يعني مده لنا مداً طويلاً ليكمل ويتم انتفاعنا به. قال الطيبي: البلاغ ما يتبلغ به إلى المطلوب. والمعنى اجعل الخير الذي أنزل علينا سبباً لقوتنا ومدداً لنا مدداً طوالاً، وفي بعض نسخ أبي داود "إلى خير" بدل "إلى حين"(ثم رفع يديه)(أي للدعاء (فلم يترك الرفع) بل بالغ، فيه كذا في جميع النسخ فلم يترك، وكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج٧:ص١٣٧) وكذا وقع عند البيهقي. وفي أبي داود: فلم يزل في الرفع، وكذا وقع في المستدرك، وكذا نقله المجد في المنتقى والزيلعي في نصب الراية: والحافظ في بلوغ المرام (حتى بدا)