بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل، فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: أشهد أن الله على كل شيءٍ قدير، وأني عبد الله ورسوله)) رواه أبوداود.
١٥٢٢- (١٣) وعن أنس، أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس
ــ
أي ظهر (بياض إبطيه) فيه استحباب المبالغة في رفع اليدين في دعاء الاستسقاء، وقد تقدم بيانه (ثم حول إلى الناس ظهره) فاستقبل القبلة إشارة إلى الرجوع إلى الله والانقطاع عما سواه (وقلب) بالتشديد والتخفيف (أو حول) شك من الراوي (رداءه) فيه استحباب تحويل الرداء عند استقبال الخطيب القبلة (وهو رافع يديه) حال من قوله: حول إلى الناس ظهره، يعني هذه الحالة كانت موجودة في حال تحويل ظهره أيضاً (ثم أقبل على الناس) أي توجه إليهم بعد تحويل ظهره عنهم (ونزل) من المنبر (فأنشأ الله) أي أوجد وأحدث (فرعدت وبرقت) بفتح الراء أي ظهر فيها الرعد والبرق فالنسبة مجازية (ثم أمطرت بإذن الله) بالألف من الأمطار، وفيه دليل للمذهب المختار الذي عليه الأكثرون، والمحققون من أهل اللغة، أن أمطرت ومطرت لغتان في المطر، خلافاً لما قال بعض أهل اللغة أنه لا يقال أمطرت إلا في العذاب (فلم يأت) رسول الله صلى الله عليه وسلم من المحل الذي استسقى فيه من الصحراء (مسجده) النبوي (حتى سالت السيول) من جميع الجوانب (فلما رأى سرعتهم) أي سرعة مشيهم والتجاءهم (إلى الكن) بكسر الكاف وتشديد النون وهو ما يرد به الحر والبرد من المساكن. وقال في القاموس: الكن وقاء كل شيء وستره كالكنة والكنان بكسرهما والبيت والجمع أكنان وأكنة- انتهى. (ضحك حتى بدت نواجذه) النواجذ على ما ذكره صاحب القاموس أقصى الأضراس، وهي أربعة أو هي الأنياب أو التي تلي الأنياب أو هي الأضراس كلها جمع ناجذ، والنجذ شدة العض بها- انتهى. قال الطيبي: كان ضحكه تعجباً من طلبهم المطر اضطراراً ثم طلبهم الكن عنه فراراً ومن عظيم قدرة الله وإظهار قربة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وصدقه بإجابة دعاءه سريعاً ولصدقه أتى بالشهادتين (رواه أبوداود) وقال: هذا حديث غريب إسناده جيد، وأخرجه أيضاً أبوعوانة وابن حبان والحاكم (ج١:ص٣٢٨) والبيهقي (ج٣:ص٣٤٩) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي وصححه أيضاً أبوعلي بن السكن، كما في التلخيص.
١٥٢٢- قوله:(كان إذا قحطوا) بضم القاف وكسر الحاء المهملة أي أصابهم القحط (استسقى بالعباس)