للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به)) رواه الترمذي.

١٥٣٢- (٩) وعن ابن عباس، قال: ما هبت ريح قط إلا جثا النبي - صلى الله عليه وسلم - على ركبتيه، وقال: ((اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً)) . قال ابن عباس في كتاب الله تعالى:

ــ

لشدة حرارتها أو برودتها أو تأذيتم لشدة هبوبها (فقولوا) أي راجعين إلى خالقها وآمرها (اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح) أي باعتبار ذاتها (وخير ما فيها) أي باعتبار صفاتها (وخير ما أمرت به) على بناء المفعول أي من خالقها لطفاً وجمالاً (رواه الترمذي) في الفتن وصححه وأخرجه أيضاً ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص٩٨) .

١٥٣٢- قوله: (ما هبت ريح) أي ثارت وهاجت يعني اشتدت (إلا جثا) بالألف من الجثو بمعنى القعود على الركب فقوله (على ركبتيه) تأكيد أو تجريد وكان هذا منه صلى الله عليه وسلم تواضعاً لله تعالى وخوفاً على أمته وتعليماً لهم في تبعيته. قال الأمير اليماني: أي برك على ركبتيه وهي قعدة المخافة لا يفعلها في الأغلب إلا الخائف، ورواه الطبراني بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا هاجت ريح استقبلها بوجهه وجثا على ركبتيه ومد يديه، وقال: اللهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به اللهم اجعلها رحمة إلخ (اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً) وجه هذا إن العرب تقول لا تلقح الشجر إلا من الرياح المختلفة ولا تلقح من ريح واحدة فهو - صلى الله عليه وسلم - دعاء بأن يجعلها رياحاً تلقح ولا يجعلها ريحاً لا تلقح. قال الخطابي: إن الرياح إذا كثرت جلبت السحاب وكثرت الأمطار فزكت الزروع والأشجار وإذا لم تكثر وكانت ريحاً واحدة فإنها تكون عقيمة والعرب تقول لا تلقح السحاب إلا من رياح. وقيل: إن الرياح هي المذكورة في آيات الرحمة والريح هي المذكورة في آيات العذاب كقوله عزوجل {الريح العقيم} {وريحاً صرصراً} لكن قد عرف مما تقدم من حديث عائشة وأبي هريرة وأبي بن كعب، ومن رواية الطبراني لهذا الحديث إن الريح قد تأتي بالخير وقد تأتي بالشر، فلعل وجه قوله في هذا الحديث اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً أن الرياح لا تأتي إلا بالخير والريح تأتي تارة بهذا وتارة بهذا فسأل الله أن يجعلها رياحاً لأنها خير محض ولا يجعلها ريحاً تحتمل الخير والشر وسيأتي مزيد الكلام في ذلك (قال ابن عباس في كتاب الله تعالى) أورد المؤلف قول ابن عباس تائيداً لقوله عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>