للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً} و {أرسلنا عليهم الريح العقيم} و {أرسلنا الرياح لواقح} و {أن يرسل الرياح مبشرات}

ــ

والسلام رياحاً وريحاً فقوله في كتاب الله خبر مقدم وقوله: {إنا أرسلنا عليهم} مبتدأ بتقدير هذه الآيات الدالة على أن الرياح للخير والريح بالأفراد للشر والجملة مقول القول {ريحاً صرصراً} أي شديدة البرد والهبوب والآية من سورة القمر {وأرسلنا عليهم الريح العقيم} أي ما ليس فيه خير سميت عقيماً؛ لأنها أهلكت قوم عاد وقطعت دابرهم والمرأة العقيم التي لا تلد ولا تلقح والآية من سورة الذاريات {وأرسلنا الرياح لواقح} يعني تُلقِح الأشجار وتجعلها حاملة بالأثمار، قيل: أصله مَلاقح جمع مُلقِحة فحذفت الميم تخفيفاً وزيدت الواو بعد اللام وهو من النوادر، وهذا قول أبي عبيدة يقال اَلقَحَ الفَحلُ الناقة احبلها واَلقَحتِ الريحُ الشجر أو السحاب اَحمَلَتها، وقيل: هي جمع لاقحة بمعنى حاملة. قال البغوي في تفسيره: لواقح أي حوامل؛ لأنها تحمل الماء إلى السحاب، وهي جمع اللاقحة - انتهى. وقال البيضاوي: أي حوامل شبه الريح التي جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه مالا يكون كذلك بالعقيم، وقيل: اللواقح بمعنى الملقحات للشجر أو السحاب، ونظيره الطوائح بمعنى المطيحات- انتهى. وإطلاق اللواقح على الملقحات إما على الإسناد المجازي بأن يوصف الرياح بصفة ما هي أسباب له أو المجاز اللغوي بإعتبار السببية؛ لأن لقح الرياح سبب لالقاحها أو بإعتبار ما كان فإن الملقح كان أولاً لاقحاً أو من باب النسبة (أي ذات اللقاح) كلابن وتامر على حذف الزوائد نحو أثقل فهو ثاقل كذا قيل ذكره في اللمعات، وقيل اللواقح من الرياح التي تحمل اللقاح (ما تلقح به النخلة) إلى الشجر والتي تحمل الندى ثم تمجه في السحاب فإذا اجتمع في السحاب صار مطراً والآية من سورة الحجر {وأن يرسل الرياح مبشرات} بالمطر كقوله سبحانه وتعالى: {بشراً بين يدي رحمته} [الأعراف: ٥٧] والآية من سورة الروم. قال الأمير اليماني: قول ابن عباس بيان أنها جاءت مجموعة في الرحمة ومفردة في العذاب فاستشكل ما في الحديث من طلب أن تكون رحمة وأجيب بأن المراد لا تهلكنا بهذه الريح لأنهم لو هلكوا بهذه الريح لم تهب ريح أخرى فتكون ريحاً لا رياحاً- انتهى. قال الطيبي: معظم الشارحين على أن تأويل ابن عباس غير موافق للحديث نقل التوربشتي عن أبي جعفر الطحاوي أنه ضعف هذا الحديث جداً وأبى أن يكون له أصل في السنن وأنكر على أبي عبيدة تفسيره كما فسره ابن عباس، ثم استشهد أي الطحاوي بقوله تعالى: {وجرين بهم بريح طيبةٍ وفرحوا بها جاءتها ريحٌ عاصف} الآية [يونس: ٢٢] . وبالأحاديث الواردة في هذا الباب فإن جل استعمال الريح المفردة في الباب في الخير والشر، ثم قال التوربشتي: والذي قاله أبوجعفر وإن كان قولاً متيناً فإنا نرى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>