لا نتسارع إلى رد هذا الحديث، وقد تيسر لنا تأويله على وجه لا يكون مخالفاً للنصوص المذكورة ثم ذكره بنحو ما تقدم عن الأمير اليماني من شاء الوقوف عليه رجع إلى شرح المصابيح للتوربشتي وشرح المشكاة للقاري. وقال الطيبي: معنى كلام ابن عباس في كتاب الله معناه إن هذا الحديث مطابق لما في كتاب الله تعالى فإن استعمال التنزيل دون أصحاب اللغة إذا حكم على الريح والرياح مطلقين كان إطلاق الريح غالباً في العذاب والرياح في الرحمة، فعلى هذا لا ترد تلك الآية على ابن عباس؛ لأنها مقيدة بالوصف ولا تلك الأحاديث؛ لأنها ليست من كتاب الله وإنما قيدت الآية بالوصف ووحدت؛ لأنها في حديث الفلك وجريانها في البحر فلو جمعت لأوهمت اختلاف الرياح وهو موجب للعطب أو الاحتباس ولو أفردت ولم تقيد بالوصف لآذنت بالعذاب والدمار؛ ولأنها أفردت وكررت ليناط به مرة طيبة وأخرى عاصف ولو جمعت لم يستقم التعلق- انتهى. وقال السيوطي في الإتقان (ج١ص١٩٢) ذكرت الريح مجموعة ومفردة فحيث ذكرت في سياق الرحمة جمعت أو في سياق العذاب أفردت أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي بن كعب قال كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب، لهذا ورد في الحديث: اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً، وذكر في حكمة ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والهيآت والمنافع وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات فكانت في الرحمة رياحاً، وأما في العذاب فإنها تأتي من وجه واحد ولا معارض لها ولا دافع، وقد أخرج عن هذه القاعدة قوله تعالى في سورة يونس:{وجرين بهم بريح طيبة} وذلك لوجهين: لفظي وهو المقابلة في قوله: {جاءتها ريح عاصف} ، ورب شيء يجوز في المقابلة، ولا يجوز استقلالاً نحو {ومكروا ومكر الله} . ومعنوي وهو أن تمام الرحمة هناك أنما يحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد فإذا اختلف عليها الرياح كانت سبب الهلاك فالمطلوب هناك ريح واحدة ولهذا أكد هذا المعنى بوصفها بالطيب وعلى ذلك أيضاً جرى قوله:{إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد}[الشورى: ٣٣] وقال ابن المنير: إنه على القاعدة لأن سكون الريح عذاب وشدة على أصحاب السفن- انتهى. (رواه الشافعي) في الأم (ج١ص٢٢٤) وفي المسند (ج٦ص١١٤) قال أخبرني من لا أتهم عن العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرجه أبويعلى والطبراني في الدعاء وفي الكبير من طريق حسين ابن قيس الرحبي الواسطي عن عكرمة وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١٠ص١٣٥- ١٣٦) للطبراني فقط وقال: فيه حسين بن قيس الرحبي الملقب بحنش، وهو متروك، وقد وثقه حصين بن نمير وبقية رجاله رجال الصحيح- انتهى. وفي تهذيب التهذيب (ج٢ص٣٦٥) زعم أبومحصن حصين بن نمير أنه أي حصين بن قيس شيخ صدوق- انتهى. وقد ضعفه جميع من عداه.