١٥٥٥ - (٢٠) وعن كعب بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح، تصرعها مرة وتعدلها أخرى،
ــ
(رواه البخاري) في مواضع بألفاظ، واللفظ المذكور له في باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - في أواخر المغازي وأخرجه أيضاً النسائي في الجنائز.
١٥٥٥- قوله:(مثل المؤمن كمثل الخامة) وفي مسلم: مثل الخامة، وهي بالخاء المعجمة والميم المخففة الطاقة الغضة الطريقة اللينة (من الزرع) وألفها منقلبة عن الواو. قال الجزري في جامع الأصول (ج١:ص٣٠٧) الخامة من النبات الغضة الرطبة اللينة – انتهى. وقيل: الخامة هي الزرع أول ما ينبت على ساق واحد، ووقع عند أحمد في حديث جابر: مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتخر أخرى، وله في حديث لأبي بن كعب: مثل المؤمن مثل الخامة تحمر مرة وتصفر أخرى (تفيئها) بتشديد الياء المكسورة وهمزة بعدها، وقيل بكسر الفاء وسكون الياء أي تميلها وتحركها (الرياح) يعني تميلها كذا وكذا حتى ترجع من جانب إلى جانب. قال النووي: تميلها وتفيئها بمعنى واحد، ومعناه تقلبها الريح يميناً وشمالاً- انتهى. قال التوربشتي: وذلك أن الريح إذا هبت شمالاً أمالت الخامة إلى الجنوب فصار فيئها في الجانب الجنوبي، وإذا هبت جنوباً صار فيئها في الجانب الشمالي (تصرعها) بفتح الراء بيان لما قبله أي تسقطها. قال الجزري: أي ترميها وتلقيها من المصارعة. وقال النووي: أي تخفضها (وتعدلها) بفتح التاء وسكون المهملة وكسر الدال المخففة وبضم التاء أيضاً وفتح المهملة وتشديد الدال المكسورة أي ترفعها وتقيمها وتسويها (أخرى) أي تارة أخرى، وعند مسلم في هذه الرواية مرة. قال الحافظ: وكان ذلك باختلاف الريح فإن كانت شديدة حركتها فمالت يميناً وشمالاً حتى تقارب السقوط وإن كانت ساكنة أو إلى السكون أقر إقامتها، ووقع في رواية لمسلم حتى تهيج. قال الحافظ: أي حتى تستوي ويكمل نضجها. وقال النووي: أي تيبس. وقال الجزري: هاج النبات يهيج هيجاً إذا أخذ في الجفاف والاصفرار بعد الغضاضة والاخضرار. قال المهلب: ووجه التشبيه أن المؤمن من حيث أنه جاءه أمر الله أن طاع له ورضى به، فإن وقع له خير فرح به وشكر، وإن وقع له مكروه صبر ورجا فيه الخير والأجر، فإذا اندفع عنه اعتدل شاكراً. قال أبوالفرج ابن الجوزي: والناس في ذلك على أقسام: منهم من ينظر إلى أجر البلاء فيهون عليه البلاء، ومنهم من يرى أن هذا من تصرف المالك في ملكه فيسلم ولا يعترض، ومنهم من تشغله المحبة عن طلب رفع البلاء وهذا أرفع من سابقه، ومنهم من يتلذذ به وهذا أرفع الأقسام، لأنه عن اختياره نشأ. وقال الزمخشري في الفائق: قوله من الزرع صفة للخامة؛ لأن التعريف في