حتى يأتي أجله، ومثل المنافق كمثل الأرزة المجذية التي لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة)) متفق عليه.
ــ
الخامة للجنس، وتفيئها يجوز أن يكون صفة أخرى للخامة وأن يكون حالاً من الضمير المتحول إلى الجار والمجرور. وهذا التشبيه يجوز أن يكون تمثيلياً فيتوهم للمشبه ما للمشبه به وأن يكون معقولاً بأن تؤخذ الزبدة من المجموع. وفيه إشارة إلى أن المؤمن ينبغي له أن يرى نفسه في الدنيا عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات معروضة للحوادث والمصيبات مخلوقة للآخرة؛ لأنها جنته ودار خلوده (حتى يأتي) وفي بعض النسخ: يأتيه كما في صحيح مسلم (أجله) أي يموت (ومثل المنافق) وفي رواية لمسلم: ومثل الكافر، وبهذا يظهر أن المراد بالمنافق في رواية الكتاب نفاق الكفر (كمثل الأرزة) بفتح الهمزة والزاى بينهما راء ساكنة هذا هو المشهور في ضبطها وهو المعروف في الروايات وكتب الغريب. وذكر الجوهري وصاحب نهاية الغريب: أنها تقال أيضاً بفتح الراء قال في النهاية: وقال بعضهم يعني أباعبيدة أنما هو الآرزة بالمد وكسر الراء على وزن فاعلة ومعناها الثابتة في الأرض، ورده أبوعبيد بأن الرواة اتفقوا على عدم المد، وإنما اختلفوا في سكون الراء وتحريكها والأكثر على السكون، قيل: هي واحدة شجر الأرز وهو شجر معروف يقال له الأرزن يشبه شجر الصنوبر وليس به يكون بالشام وبلاد الأرمن وهو الشجر الذي يعمر طويلاً ويكثر وجوده في جبال لبنان، وقيل: هو شجر الصنوبر والصنوبر ثمرته وهو شجر صلب شديد الثبات في الأرض. وقيل: هو شجر الصنوبر الذكر خاصة، وقيل: هو شجر العرعر (المجذية) بميم مضمومة ثم جيم ساكنة ثم ذال معجمة مكسورة ثم ياء تحتية أي الثابتة المنتصبة القائمة من جذاً يجذواً وأجذى يجذى لغتان أي ثبت قائماً والجذاة أصول الشجر العظام (التي لا يصيبها شيء) أي من الميلان باختلاف الرياح. وفي رواية لمسلم: المجذية على أصلها لا يفيئها شيء (حتى يكون انجعافها) بسكون النون وكسر الجيم بعدها عين ثم ألف ثم فاء أي انقطاعها وإنقلاعها. وقيل: انكسارها من وسطها أو أسفلها وهو مطاوع جعف تقول: جعفته فانجعف مثل قلعته فانقلع (مرة واحدة) وجه التشبيه أن المنافق لا يتفقده الله باختياره بل يحصل له التيسير في الدنيا ليتعسر عليه الحال في المعاد حتى إذا أراد الله إهلاكه قصمة فيكون موته أشد عذاباً وعليه أكثر ألماً في خروج نفسه. وقيل: المعنى أن المؤمن يتلقى الأعراض الواقعة عليه لضعف حظه من الدنيا فهو كأوائل الزرع شديد الميلان لضعف ساقه والمنافق بخلاف ذلك وهذا في الغالب من حال الاثنين (متفق عليه) أخرجه البخاري في المرضى، ومسلم في التوبة، واللفظ له، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٦:ص٣٨٦) والنسائي في الكبرى.