١٥٦٠ - (٢٥) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله))
ــ
طعن الإنس، فإنه يقع من الظاهر إلى الباطن فيؤثر في الظاهر أولاً ثم يؤثر في الباطن وقد لا ينفذ. وأما ما يقع في الألسنة بلفظ: وخز إخوانكم من الجن. فقال الحافظ: إنه لم يجده في شيء طرق الحديث المسندة لا في الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة بعد التتبع الطويل البالغ، وعزاه في آكام المرجان لمسند أحمد والطبراني وكتاب الطواعين لابن أبي الدنيا، ولا وجود له في واحد منها (متفق عليه) أخرجه البخاري في الجهاد وفي الطب، ومسلم في الجهاد، وأخرجه أيضاً أحمد.
١٥٦٠- قوله:(الشهداء) جمع شهيد سمي به، لأن الملائكة يشهدون موته فكان مشهوداً، وقيل مشهود له بالجنة، فعلى هذا الشهيد فعيل بمعنى مفعول. وقيل: سمي به، لأنه حي عند الله تعالى حاضر ويشهد حضرة القدس. وقيل: لأنه شهد ما أعد الله له من الكرامات. وقيل: لأنه يستشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على سائر الأمم المكذبين، فعلى على هذه المعاني يكون الشهيد بمعنى الشاهد، قاله العيني. وقال القاري: بمعنى فاعل، لأنه يشهد مقامه قبل موته أو بمعنى مفعول، لأن الملائكة تشهده أي تحضره مبشرة له. وذكر الحافظ في سبب تسميته بذلك أقوالاً أخرى (خمسة) وفي حديث جابر بن عتيك الآتي: الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله. وفي حديث عمر عند أحمد والترمذي: الشهداء أربعة فاختلفت الأحاديث في عدد أسباب الشهادة. قال الحافظ: الذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم أعلم بالأقل ثم أعلم زيادة على ذلك فذكرها في وقت آخر، ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك- انتهى. (المطعون) أي الذي يموت بالطاعون (والمبطون) أي الذي يموت بمرض البطن مطلقاً أو الاستسقاء أو الإسهال أو القولنج. قال القرطبي: اختلف هل المراد بالبطن الاستسقاء أو الإسهال على قولين للعلماء (والغريق) بالياء بعد الراء. وفي رواية: الغرق بغير ياء، وهو بفتح الغين المعجمة وكسر الراء بعدها قاف أي الذي يموت من الغرق في الماء. قال القاري: الظاهر انه مقيد بمن ركب البحر ركوباً غير محرم (وصاحب الهدم) أي الذي يموت تحت الهدم، وهو بفتح الهاء والدال ما يهدم به من البناء. قال في النهاية: الهدم بالتحريك البناء المهدوم، فعل بمعنى المفعول، وبالسكون الفعل نفسه. وقال الحفنى: قوله الَهدم هو مجاز، لأنه يموت تحت المهدوم الذي سببه الهدم أي الفعل، فإن قريء بفتح الدال فهو ظاهر، لأنه اسم للمهدوم - انتهى. وحاصل جميع ذلك أن صاحب الهدم هو الذي يقع عليه بناء أو حائط فيموت تحته. قال القرطبي: هذا والغريق إذا لم يغررا بأنفسهما ولم يهملا التحرز، فإن فرطا في التحرز حتى أصابهما ذلك فهما عاصيان (والشهيد) أي الذي يقتل (في سبيل الله)