إن العبد ليخرج من ذنوبه، كما يخرج التبر الأحمر من الكير)) رواه البخاري.
١٥٧٢- (٣٧) وعن أبي موسى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله تعالى عنه أكثر، وقرأ {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
ــ
عليه تلك الأحوال حتى (إن العبد) بكسر الهمزة. وفي بعض النسخ بالفتح: وأظهر العبد موضع ضميره إظهاراً لكمال العبودية المقتضي للصبر والرضا بأحكام الربوبية. وقال الطيبي: كأنه قيل: يخرج عبدي ومن هو تحت عنايتي ولطفي (ليخرج من ذنوبه) بسبب الابتلاء (كما يخرج التبر) بالكسر أي الذهب والفضة قبل أن يضربا دراهم ودنانير فإذا ضربا كانا عيناً. وفي رواية ابن أبي الدنيا: الذهب بدل التبر (من الكير) بكسر الكاف متعلق بيخرج (رواه الترمذي) في تفسير البقرة. وأخرجه أيضاً ابن جرير وابن أبي حاتم. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث عائشة لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة- انتهى. قال ابن كثير وشيخه علي بن زيد بن جدعان ضعيف يغرب في رواياته، وهو يروي هذا الحديث عن إمرأة أبيه أم محمد أمية بنت عبد الله عن عائشة وليس عنها في الكتب سواه - انتهى.
١٥٧٢- قوله:(لا يصيب عبداً) التنوين للتنكير (نكبة) أي محنة وأذى والتنوين للتقليل لا للجنس ليصح ترتب ما بعدها عليها بالفاء وهو (فما فوقها) أي في العظم (أو دونها) أي في المقدار. وقال ابن حجر: فما فوقها في العظم أو دونها في الحقارة ويصح عكسه (إلا بذنب) أي يصدر من العبد (وما يعفو الله)"ما" موصولة أي الذي يغفره ويمحوه (أكثر) مما يجازيه (وقرأ) أي النبي صلى الله عليه وسلم {وما أصابكم} خطاب للمؤمنين، و "ما" شرطية أو موصولة متضمنة لمعنى الشرط {من مصيبة} أي بليه وشدة {فبما كسبت أيديكم} أي كسبتم من الذنوب وعبر بالأيدي لأن أكثر الأفعال تزاول بها {ويعفو عن كثير} أي من الذنوب فلا يعاقب عليها بمصيبة عاجلاً قيل وآجلاً. قال ابن كثير:{ويعفو عن كثير} أي من السيئآت فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} -انتهى. وهذا في المذنبين، وأما غيرهم فما يصيبهم في الدنيا يكون لرفع درجاتهم في الآخرة أو لحكم أخرى خفيت علينا. وأما الأطفال والمجانين فغير داخلين في الخطاب، لأنه للمكلفين، وبفرض دخولهم أخرجهم للتخصيص بأصحاب الذنوب فما يصيبهم من المصائب فهو لحكم خفية. وقيل: في مصائب الطفل رفع درجته ودرجة أبويه أو من يشفق عليه بحسن الصبر ثم أن المصائب قد تكون عقوبة على الذنب وجزاء عليه بحيث لا يعاقب عليه يوم القيامة، ويدل على ذلك ما رواه أحمد