في هذا الرجل؟ لمحمد. فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً. وأما المنافق والكافر
ــ
مسلم:(إذا انصرفوا) . "والقرع" بفتح القاف وسكون الراء، و"النعال" بكسر النون، جمع نعل أي يسمع صوت دقها، وفيه دلالة على حياة الميت في القبر؛ لأن الإحساس بدون الحياة ممتنع عادة. وفيه دليل على جواز المشي بالنعال في القبور لكونه - صلى الله عليه وسلم - قاله وأقره، فلو كان ًمكروهاً لبينه، لكن يعكر عليه احتمال أن يكون المراد سماعه إياها بعد أن يجاوزوا المقبرة. قال الشوكاني: سماع الميت خفق النعال لا يستلزم المشي على قبر أو بين القبور –انتهى. وأيضاً يجوز أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك على عادات الناس، فلا يلزم من هذه الحكاية من غير إنكار تقرير مشيهم بها. ويدل على الكراهة حديث الأمر بإلقاء السبتيتين للماشي بين القبور عند أبي داود والنسائي وابن ماجة، لكن يحتمل أن أمره بالخلع كان لقذر بهما كما قال الطحاوي، أو لاختياله في مشيه كما قال الخطابي، لا لكون المشي بين القبور بالنعال مكروهاً، ولا يتم الاستدلال به على الكراهة إلا إذا قيل: إن الأمر بالخلق كان احتراماً للمقابر. ومال النسائي إلى الجمع بين الحديثين بحمل حديث أنس هذا على غير السبتيتين، والكراهة إنما هي في النعال السبتية واختاره ابن حزم. قلت: حديث أنس يدل بإطلاقه على جواز المشي بين القبور في النعال السبتيتين وغيرها لعدم الفارق بينها وبين غيرها، واحتمال كون المراد سماعه إياها بعد مجاوزتهم المقبرة بعد جداً، وكذا حمله على عادات الناس أيضاً بعيد خلاف الظاهر، وأما حديث السبتيتين فلا يتم الاستدلال به إلا على بعض الوجوه كما تقدم، وأيضاً حديث أنس أرجح منه فيقدم عليه، وأيضاً هو قضية شخصية معينة تحتمل الخصوص وغير ذلك. (في هذا الرجل) أي في شأنه، واللام للعهد الذهني (لمحمد) بيان من الراوي للرجل، أي لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال الطيبي: دعاؤه بالرجل من كلام الملك، فعبر بهذه العبارة التي ليس فيها تعظيم امتحاناً للمسئول، لئلا يتلقن تعظيمه عن عبارة القائل، ثم يثبت الله الذين آمنوا – انتهى. ولا يلزم من الإشارة ما قيل من رفع الحجب بين الميت وبينه - صلى الله عليه وسلم - حتى يراه، ويسئل عنه؛ لأن مثل ذلك لا يثبت بالاحتمال، على أنه مقام امتحان، وعدم رؤية شخصه الكريم أقوى في الامتحان، ولا ما تفوه به بعض الجهلة من أنه - صلى الله عليه وسلم - يحضر الميت في قبره بجسده وروحه؛ لأن الإشارة بهذا للحاضر في الذهن كما في تنوير الحوالك للسيوطي، فإن الإشارة كما تكون للحاضر في الخارج كذلك تكون للحاضر في الذهن أيضاً، ويدل على بطلان القولين، وعلى كون الإشارة ههنا إلى الموجود الحاضر في الذهن رواية أحمد، والطبراني بلفظ:((ما تقول في هذا الرجل؟ قال: من؟ قال محمد. فيقول ... )) الخ. فإنه لو كشف - صلى الله عليه وسلم - للميت، أو حضره في القبر لما احتاج إلى السؤال بقوله:"من" فتأمل (فأما المؤمن فيقول) أي في جوابه لهما مع اعترافه بالتوحيد كما في حديث البراء وغيره (فيقال له) أي على لسان الملكين (انظر إلى مقعدك من النار) لو لم تكن مؤمناً ولم تجب الملكين (قد أبدلك الله به) أي بمقعدك هذا (فيراهما) أي المقعدين (جميعاً) ليزداد فرحه (وأما المنافق والكافر)