يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلباً اشتد بلاءه، وإن كان في دينه رقة هوّن عليه، فما زال كذلك حتى يمشي على الأرض ماله ذنب)) . رواه الترمذي. وابن ماجه، والدارمي،
ــ
على ترتيبهم في الفضل، فكل من كان أفضل فبلاءه أشد. قال الحافظ: الأمثل أفعل من المثالة، والجمع أماثل وهم الفضلاء. وقال الخطابي: الأمثل يعبر به عن الأشبه بالفضل والأقرب إلى الخير، وأماثل القوم كناية عن خيارهم. وقال ابن الملك: أي الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى رتبة ومنزلة يعني من هو أقرب إلى الله بلاءه أشد ليكون ثوابه أكثر. قال الطيبي: ثم فيه للتراخي في الرتبة، والفاء للتعاقب على سبيل التوالي تنزلاً من الأعلى إلى الأسفل، واللام في الأنبياء للجنس. قال القاري: ويصح كونها للاستغراق إذ لا يخلو واحد منهم من عظيم محنة وجسيم بلية بالنسبة لأهل زمنه، ويدل عليه قوله (يبتلى) بالبناء للمفعول (الرجل) وفي رواية ابن ماجه، العبد (على حسب) بالتحريك (دينه) أي مقداره ضعفاً وقوة ونقصاً وكمالاً يعني بقدر قوة إيمانه وضعفه. قال الطيبي: الجملة بيان للجملة الأولى، واللام في الرجل للاستغراق في الأجناس المتوالية (فإن كان) تفصيل للابتلاء وقدره (في دينه صلباً) بضم فسكون أي قوياً شديداً، وهو خبر كان، واسمه ضمير راجع إلى الرجل، والجار متعلق بالخبر (اشتد بلاءه) أي كمية وكيفية (وإن كان) أي هو (في دينه رقة) أي ضعف ولين، والجملة خبر كان، ويحتمل أن يكون رقة اسم كان. قال الطيبي: جعل الصلابة صفة له والرقة صفة لدينه مبالغة وعلى الأصل. وقال القاري: وكان الأصل في الصلب أن يستعمل في الجثث، وفي الرقة أن تستعمل في المعاني، ويمكن أن يحمل على التفنن في العبارة- انتهى. (هون) على بناء المفعول أي سهل (عليه) أي البلاء، وفي رواية لأحمد: فإن كان في دينه صلابة زيد في بلاءه وإن كان في دينه رقة خفف عنه- انتهى. والسر في ذلك أن البلاء في مقابلة النعمة فمن كانت النعمة عليه أكثر فبلاءه أغزر (فما زال) أي الرجل المبتلى. قال الطيبي: الضمير راجع إلى اسم كان الأول (كذلك) أي أبدا يصيب الصالح البلاء ويغفر ذنبه بإصابته إياه (حتى يمشي على الأرض ماله) أي عليه (ذنب) كناية عن خلاصة من الذنوب فكأنه كان محبوساً ثم أطلق وخلى سبيله يمشي ما عليه بأس، ولفظ الحديث من قوله: هون عليه إلى آخره ليس لواحد ممن نسب إليه الحديث. والظاهر أن البغوي ذكر معنى آخر الحديث اختصاراً، ولفظ الترمذي: ابتلى على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة، وعند ابن ماجه: ابتلى على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض، وما عليه من خطيئة، ونحوه في رواية لأحمد والحاكم والبيهقي، ولفظ الدارمي: فإن كان في دينه صلابة زيد صلابة وإن كان في دينه رقة خفف عنه، ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض ماله خطيئة، وفي رواية ابن حبان: فمن ثخن دينه اشتد بلاءه ومن ضعف دينه ضعف بلاءه إلخ (رواه الترمذي) في الزهد (وابن ماجه) في الفتن (والدارمي) في