للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتسعون منية، إن أخطأته المنايا وقع في الهرم حتى يموت)) . رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.

١٥٨٤- (٤٩) وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطي أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض))

ــ

(وتسعون) أراد به الكثرة لا الحصر (منية) بفتح الميم أي بلية مهلكة. وقال بعضهم: أي سبب موت (إن أخطأته المنايا) قال الطيبي: المنايا جمع منية، وهي الموت لأنها مقدرة بوقت مخصوص من المنى، وهو التقدير سمي كل بلية من البلايا منية لأنها طلائعها ومقدماتها- انتهى. أي أسباب الموت كثيرة متعددة كالأمراض والجوع والغرق والحرق والهدم وغير ذلك، فإن جاوزه واحد وقع في الآخر فإن جاوزه فرضاً الجميع مرة بعد أخرى (وقع في الهرم) قال في القاموس: الهرم محركة أقصى الكبر (حتى يموت) أي وقع في السبب الذي يفضى إلى الموت ولا محالة وهو الهرم. وقال بعضهم: يريد أن أصل خلقة الإنسان من شأنه أن لا تفارقه المصائب والبلايا والأمراض والأدواء كما قيل البرايا أهداف البلايا، وكما قال صاحب الحكم ابن عطاء: ما دمت في هذه الدار لا تستغرب وقوع إلا كدار فإن أخطأته تلك النوائب على سبيل الندرة أدركه من الأدواء الداء الذي لا دواء له وهو الهرم، وحاصله أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والمصائب كفارة لذنوبه، فينبغي للمؤمن أن يكون صابراً على حكم الله راضياً بما قدره الله تعالى وقضاه (رواه الترمذي) في أواخر القدر وقال: حديث حسن غريب، وأعاده في أواخر الزهد سنداً ومتناً، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ولعله صححه ههنا لشواهد رويت في ذلك والله اعلم. والحديث أخرجه أيضاً الضياء المقدسي في المختارة، كما في الجامع الصغير.

١٥٨٤- قوله: (يود) أي يتمنى (أهل العافية) أي في الدنيا (يوم القيامة) ظرف يود (حين يعطي) بالبناء للمفعول (الثواب) مفعول ثان أي كثيرا وبلا حساب لقوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: ١٠] (قرضت) بالتخفيف، ويحتمل التشديد للمبالغة والتأكيد أي قطعت (في الدنيا) قطعة قطعة (بالمقاريض) جمع المقراض ليجدوا ثواباً كما وجد أهل البلاء. قال الطيبي: الود محبة الشيء وتمنى كونه له، ويستعمل في كل واحد من المعنيين من المحبة والتمني، وفي الحديث هو من المودة التي هي بمعنى التمني وقوله لو أن إلخ منزلة مفعول يود كأنه قيل يود أهل العافية ما يلازم لو أن جلودهم كانت مقرضة في الدنيا وهو الثواب المعطي. قال ميرك: ويحتمل أن مفعول يود الثواب على طريق التنازع وقوله لو أن جلودهم حال أي متمنين أن جلودهم إلخ أو قائلين لو أن جلودهم على طريقة الالتفات من التكلم إلى الغيبة- انتهى. قلت: ورواه

<<  <  ج: ص:  >  >>