للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بشر برضوان الله وكرامته، فليس أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله، وكره الله لقاءه)) . متفق عليه.

ــ

بتشديد نون لكن، ولأبي ذر: ولكن المؤمن بالتخفيف ورفع المؤمن (بشر برضوان الله) بضم الموحدة وكسر الشين المعجمة المشددة (مما أمامه) بفتح الهمزة أي مما يستقبله بعد الموت (فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه) وفي حديث حميد عن أنس عند أحمد: ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله وليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه (وإن الكافر إذا حضر) على بناء المفعول أي حضره الموت (بشر) فيه تهكم نحو {فبشرهم بعذاب أليم} ، أو مشاكلة للمقابلة، أو أريد المعنى اللغوي أي أخبر (بعذاب الله له) في القبر (وعقوبته) وهي أشد العذاب في النار (فليس شيء) يومئذ (أكره إليه مما أمامه) أي قدامة (فكره لقاء الله وكره الله لقاءه) وفي حديث عائشة عند عبد بن حميد مرفوعاً: إذا أراد الله بعبد خيراً قيض له قبل موته بعام ملكاً يسدده ويوفقه حتى يقال مات بخير ما كان فإذا حضر ورأى ثوابه اشتاقت نفسه فذلك حين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإذا أراد الله بعبد شراً قيض له قبل موته بعام شيطاناً فأضله وفتنه حتى يقال مات بشر ما كان عليه فإذا حضر ورأى ما أعد له من العذاب جزعت نفس فذلك حين كره لقاء الله وكره الله لقاءه وفي الحديث فوائد: منها أن المحتضر إذا ظهر عليه علامات السرور كان ذلك دليلاً على أنه بشر بالخير، وكذا بالعكس. ومنها أن محبة لقاء الله لا تدخل في النهي عن تمني الموت، لأنها ممكنة مع عدم تمني الموت كأن تكون المحبة حاصلة لا يفترق حاله فيها بحصول الموت ولا بتأخره، وأن النهي عن تمني الموت محمول على حالة الحياة المستمرة، وأما عند الاحتضار والمعاينة فلا تدخل تحت النهي، بل هي مستحبة. ومنها أن في كراهة الموت في حال الصحة تفصيلاً فمن كرهه إيثاراً للحياة على ما بعد الموت من نعيم الآخرة كان مذموماً، ومن كرهه خشية أن يفضي إلى المؤاخذة كأن يكون مقصراً في العمل لم ستعد له بالأهبة بأن يتخلص من التبعات ويقوم بأمر الله كما يجب فهو معذور، لكن ينبغي لمن وجد ذلك أن يبادر إلى أخذ الأهبة حتى إذا حضره الموت لا يكرهه بل يحبه لما يرجو بعده من لقاء الله (متفق عليه) فيه نظر فإن الحديث من رواية عبادة مع الزيادة المذكورة. أعني قوله فقالت عائشة أو بعض أزواجه إلى آخره من أفراد البخاري، أخرجه في أواخر الرقاق، ورواه مسلم بدون هذه الزيادة، فإنه أخرجه أولاً عن هداب بن خالد عن همام عن قتادة عن أنس بن مالك عن عبادة مقتصراً على أصل الحديث دون قوله فقالت عائشة إلخ. وكذا أخرجه أحمد والترمذي في الجنائز والزهد، والنسائي في الجنائز من طرق أخرى عن

<<  <  ج: ص:  >  >>