للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت، قال: ليس ذلك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت

ــ

رحمته وأدناه من نقمته، فإن قيل: الشرط ليس سبباً للجزاء بل الأمر بالعكس. أجيب بأن المعنى فليفرح أو فأخبره بأن الله يحب لقاءه. قال الكرماني: مثله مؤل بالإخبار أي من أحب لقاء الله أخبره الله بأن الله أحب لقاءه، وكذلك الكراهة. قال الحافظ في قوله: أحب الله لقاءه. العدول عن الضمير إلى الظاهر تفخيماً وتعظيماً ودفعاً لتوهم عود الضمير على الموصول لئلا يتحد في الصورة المبتدأ والخبر، ففيه إصلاح اللفظ لتصحيح المعنى، وأيضاً فعود الضمير على المضاف إليه قليل. وقال ابن الصائغ في شرح المشارق: يحتمل أن يكون لقاء الله مضافاً للمفعول فأقامه مقام الفاعل ولقاءه إما مضاف للمفعول أو للفاعل الضمير أو للموصول، لأن الجواب إذا كان شرطاً فالأولى أن يكون فيه ضمير نعم هو موجود هنا ولكن تقديراً (فقالت عائشة أو بعض أزواجه) كذا في هذه الرواية بالشك، وجزم سعد بن هشام في روايته عن عائشة عند مسلم بأنها هي التي قالت ذلك ولم يتردد. قال الحافظ: وهذه الزيادة في هذا الحديث لا تظهر صريحاً هل هي من كلام عبادة والمعنى أنه سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم وسمع مراجعة عائشة أو من كلام أنس (راوي الحديث عن عبادة) بأن يكون حضر ذلك فقد وقع في رواية حميد عن أنس عند أحمد وغيره بلفظ: فقلنا يا رسول الله فيكون أسند القول إلى جماعة وإن كان المباشر له واحداً وهي عائشة، ويحتمل أيضاً أن يكون من كلام قتادة (الراوي عن أنس عن عبادة) أرسله في رواية همام (الراوي عن قتادة) ووصله في رواية سعيد بن أبي عروبة عنه عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة (عند مسلم) فيكون في رواية همام إدراج، وهذا أرجح في نظري، فقد أخرجه مسلم عن هداب بن خالد عن همام مقتصراً على أصل الحديث دون قوله: فقالت عائشة إلخ ثم أخرجه من رواية سعد بن عروبة موصولاً تاماً، وكذا أخرجه هو وأحمد من رواية شعبة والنسائي من رواية سليمان التيمي كلاهما عن قتادة، وكذا جاء عن أبي هريرة وغير واحد من الصحابة بدون المراجعة. وقد أخرجه أبويعلى عن هدبة بن خالد عن همام تاماً، كما أخرجه البخاري عن حجاج عن همام، وهدبة هو هداب شيخ مسلم فكان مسلماً، حذف الزيادة عمداً لكونها مرسلة من هذا الوجه واكتفى بإيرادها موصولة من طريق سعيد بن أبي عروبة، وقد رمز البخاري إلى ذلك حيث علق رواية شعبة بقوله اختصره أبوداود وعمر وعن شعبة، وكذا أشار إلى رواية سعيد تعليقاً، وهذا من العلل الخفية جداً -انتهى كلام الحافظ. (إنا لنكره الموت) وفي رواية سعد بن هشام: فقلت. يا نبي الله أكراهية الموت فكلنا يكره الموت أي بحسب الطبع وخوفاً مما بعده (ليس ذلك) بكسر الكاف أي ليس الأمر كما ظننت يا عائشة إذ ليس كراهة المؤمن الموت لخوف شدته كراهة لقاء الله، بل تلك الكراهة هي كراهة الموت لإيثار الدنيا على الآخرة والركون إلى الحظوظ العاجلة إذا بشر بعذاب الله وعقوبته عند حضور الموت (ولكن المؤمن)

<<  <  ج: ص:  >  >>