للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: دخلت على خباب وقد اكتوى سبعاً، فقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يتمن أحدكم الموت لتمنيته، ولقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أملك درهماً، وإن في كل جانب بيتي الآن لأربعين ألف درهم، قال: ثم أتى بكفنه، فلما رآه بكى، وقال: لكن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء

ــ

(دخلت على خباب) بالموحدتين الأولى مثقلة ابن الأرت بهمزة وراء مفتوحتين، وشدة مثناة فوق تميمي سبى في الجاهلية وبيع بمكة ثم حالف بني زهرة وأسلم قبل أن يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم. قيل: إنه أسلم سادس ستة، وهو أول من أظهر إسلامه، فعذب عذاباً شديداً لذلك ذكر أن عمر بن الخطاب سأله عما لقي في ذات الله فكشف عن ظهره فقال عمر ما رأيت كاليوم قال خباب لقد أوقدت لي نار وسحبت عليها فما أطفأها إلا ودك ظهري، شهد بدراً والمشاهد كلها وكان قيناً في الجاهلية يعمل السيوف، ونزل الكوفة، ومات بها سنة (٣٧) منصرف علي رضي الله عنه من صفين وصلى عليه علي رضي الله عنه، وقيل: لما رجع على من صفين مر على قبر خباب فقال رحم الله خباباً، أسلم راغباً وهاجر طائعاً وعاش مجاهداً وابتلى في جسمه أحوالاً ولن يضيع الله أجره (وقد اكتوى) من الكي، وهو إحراق الجلد بحديدة ونحوها (سبعاً) أي في سبع مواضع من بدنه. وفي رواية الترمذي: وقد اكتوى في بطنه. قال الطيبي: الكي علاج معروف في كثير من الأمراض، وقد ورد النهي عن الكي، فقيل النهي لأجل أنهم كانوا يرون أن الشفاء منه. وأما إذا اعتقد أنه سبب ,ان الشافي هو الله فلا بأس به، ويجوز أن يكون النهي من قبل التوكل، وهو درجة أخرى غير الجواز- انتهى. ويؤيده حديث لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون (لا يتمن) بصيغة النهي وفي رواية أخرى لأحمد: لا يتمنى (أحدكم الموت) أي لضر نزل به (لتمنيته) أي لأستريح من شدة المرض الذي من شأن الجبلة البشرية أن تنفرد منه ولا تصبر عليه (لقد رأيتني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أملك درهماً) كأكثر الصحابة لأن الفتوحات العظيمة لم تقع إلا بعد ألا ترى أن عبد الله بن أبي السرح لما افتتح افرقية في زمن عثمان بلغ سهم الفارس فيه ثلاثة آلاف دينار (قال) أي حارثة (ثم أتى) على بناء المفعول (بكفنه) وكان نفيساً من الأقمشة (فلما رآه) أي ما هو عليه من الحسن والبهاء (بكى) قال الطيبي: كأنه اضطر إلى تمنى الموت إما من ضر أصابه فاكتوى بسببه أو غنى خاف منه والظاهر الثاني، ولذا عقبه بالجملة القسمية، وبين فيها تغير حالتيه حالة صحبته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحالته يومئذ ثم قال حاله في جودة الكفن على حال عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تكفينه و (لكن حمزة) عم رسول الله صلى الله عليه وسلم (لم يوجد له كفن إلا بردة) بالرفع على البدلية (ملحاء) بفتح الميم وسكون اللام أي فيها خطوط بيض وسود

<<  <  ج: ص:  >  >>