إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها. فلما مات أبوسلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــ
إلا طلب الفعل. وأما التلفظ بذلك مع الجزع فقبيح وسخط للقضاء. وقال القاري: والأقرب أن كل ما مدح الله تعالى في كتابه من خصلة يتضمن الأمر بها، كما أن المذمومة فيه تقتضي النهي عنها (إنا) بدل من ما أي إن ذواتنا وجميع ما ينسب إلينا (لله) ملكاً وخلقاً (وإنا إليه راجعون) في الآخرة (اللهم) ظاهره أنه من جملة ما أمره الله به، كما تقدم عن الباجي. قال ابن حجر: الظاهر أن الله تعالى أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلم أمته أنه أمرهم أن يقولوا ذلك كله بخصوصه (أجرني) بسكون الهمزة وضم الجيم وبالمد وكسر الجيم على أنه من باب الأفعال. قال في النهاية: أجره يوجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء، وكذلك اَجَره يأجُرُه والأمر منها آجِرني وأجُرني (في مصيبتي) قال القاري: الظاهر أن في بمعنى باء السببية (واخلف لي خيراً منها) أي اجعل لي خلفاً مما فات عني في هذه المصيبة خيراً من الفائت فيها، ففي الكلام تجوز وتقدير. قال في النهاية: يقال خلف الله لك خلفاً بخير واخلف عليك خيراً أي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه. وقيل: إذا اذهب للرجل ما يخلفه مثل المال والولد. قيل: أخلف الله لك وعليك وإذا ذهب له ما لا يخلفه غالباً كالأب والأم. قيل: خلف الله عليك، وقد يقال: خلف الله عليك إذا مات لك ميت أي كان الله خليفة عليك وأخلف الله عليك أي أبدلك- انتهى. وقال النووي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: واخلف لي هو بقطع الهمزة وكسر اللام، قال أهل اللغة: يقال لمن ذهب له مال أو ولد أو قريب أو شيء يتوقع حصول مثله أخلف الله عليك أي رد عليك مثله فإن ذهب ما لا يتوقع مثله بأن ذهب والد أو عم أو أخ لمن لا جد له ولا والد له. قيل: خلف الله عليك بغير ألف كان الله خليفة منه عليك - انتهى. (فلما مات أبوسلمة) تعني زوجها عبد الله بن عبد الأسد المخزومي (قلت) في نفسي أو باللسان تعجباً (أي المسلمين خير) وفي رواية لمسلم: مَن خير من أبي سلمة. قال الطيبي: تعجب من تنزيل قوله صلى الله عليه وسلم: إلا أخلف الله خيراً منها على مصيبتها استعظاماً لأبي سلمة انتهى يعني على زعمها (أول بيت) استئناف فيه بيان للتعجب وتعليل له، والتقدير فإنه أول بيت أي أول أهل بيت (هاجر) أي مع عياله، قاله القاري. وقال الآبي: تعجبت أم سلمة لاعتقادها أنه لا أخير من أبي سلمة ولم تطمع أن يتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو خارج من هذا العموم وتعني بقولها من خير من أبي سلمة بالنسبة إليها فلا يكون خيراً من أبي بكر، لأن الأخير في ذاته قد لا يكون خيراً لها، ويحتمل أن تعني أنه خير مطلقاً والإجماع على أفضلية أبي بكر إنما هو على من تأخرت وفاته