ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم)) . رواه مسلم.
١٦٣٤- (٥) وعنها، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه سلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله،
ــ
عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهل هو أفضل ممن تقدمت وفاته، فيه خلاف فلعلها أخذت بأحد القولين وقولها أول بيت هاجر يدل على أنه أرادت أنه أفضل مطلقاً بالنسبة إليها- انتهى. والظاهر أن الخيرية بالنسبة إليها وباعتبار نفسها والله اعلم. (ثم إني قلتها) أي كلمة الاسترجاع والدعاء المذكور بعدها (فأخلف الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي بأني جعلني زوجته وكان عوض خير لي من زوجي أبي سلمة (رواه مسلم) في الجنائز، وأخرجه أيضاً مالك وأبوداود فيه، والنسائي في اليوم والليلة، وأخرجه الترمذي في الدعوات وابن ماجه في الجنائز عن أم سلمة عن أبي سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
١٦٣٤- قوله:(وقد شق بصره) أي بقي بصره منفتحاً. قال النووي: هو بفتح الشين ورفع بصره، وهو فاعل شق، هكذا ضبطناه وهو المشهور، وضبطه بعضهم بصره بالنصب وهو صحيح أيضاً والشين مفتوحة بلا خلاف قال القاضي: قال صاحب الأفعال يقال شق بصر الميت وشق بصر الميت وشق الميت بصره، ومعناه شخص، كما في حديث أبي هريرة عند مسلم مرفوعاً: ألم تروا أن الإنسان إذا مات شخص بصره قالوا بلى قال: فذلك حين يتبع بصره نفسه. وقال ابن السكيت في الإصلاح، والجوهري حكاية عن ابن السكيت: يقال شق بصر الميت ولا يقال شق الميت بصره (يعني أن شق ههنا لازم لا متعد بمعنى انفتح لا فتح) وهو الذي حضره الموت وصار ينظر إلى الشيء لا يرتد إليه طرفه- انتهى. (فأغمضه) أي غمض رسول الله صلى الله عليه وسلم عيني أبي سلمة لئلا يقبح منظره، والإغماض بمعنى التغميض والتغطية (إن الروح إذا قبض تبعه البصر) يحتمل أن يكون علة للإغماض كأنه قال أغمضته لأن الروح إذا خرج من الجسد تبعه البصر في الذهاب فلم يبق لانفتاح بصره فائدة، وأن يكون بياناً لسبب الشق، والمعنى أن المحتضر يتمثل له ملك الموت فينظر إليه ولا يرتد طرفه حتى تفارقه الروح ويضمحل بقايا قوى البصر فيبقى البصر على تلك الهيئة. قال التوربشتي: يحتمل هذا وجهين: أحدهما أن الروح إذا قبض تبعه البصر أي في الذهاب، فلهذا أغمضته لأن فائدة الانفتاح ذهبت بذهاب البصر عند ذهاب الروح، والوجه الآخر أن روح الإنسان إذا قبضها الملائكة نظر إليها الذي حضره الموت نظراً شزراً لا يرتد إليه طرفه حتى يضمحل بقية القوة الباصرة الباقية بعد مفارقة الروح الإنساني التي يقع لها الإدراك والتمييز دون الحيواني الذي به الحس والحركة وغير مستنكر من قدرة الله تعالى أن يكشف عنه الغطاء ساعتئذ حتى يبصر مالم يكن يبصره وهذا الوجه في حديث أبي هريرة (يعني الذي تقدم في كلام النووي) أظهر (فضج) بالجيم المشددة أي رفع الصوت بالبكاء وصاح (ناس من أهله) أي من أهل أبي سلمة