من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فينادي منادى من السماء: أن كذب فافرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر. فيقول: أنا عملك الخبيث. فيقول: رب لا تقم الساعة. وفي رواية نحوه، وزاد فيه: إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، وليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله
ــ
به أي هوت به في بعض المطارح البعيدة، وهذا استشهاد مجرد لقوله صلى الله عليه وسلم في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحاً لا أنه بيان لحال الكافر حينئذ؛ لأنه شبه في الآية من يشرك بالله بالساقط من السماء والأهواء التي توزع أفكاره بالطير المختطفة والشيطان الذي يغويه ويطرح به في وادي الضلالة بالريح الذي هو يهوى بما عصف به في بعض المهاوي المتلفة (هاه هاه) بسكون الهاء الأخيرة فيهما كلمة يقولها المبهوت المتحير في الجواب من الدهشة والخوف (أن كذب) هذا الكافر في النفي الدراية عنه مطلقاً بل عرف الله وأشرك به وتبين الدين وما تدين به وظهرت رسالة النبي بالمعجزات عنده وما أطاعه (فافرشوه من النار) زاد في رواية أبي داود والحاكم: وألبسوه من النار (فيأتيه من حرها) أي يأتيه بعض حرها في قبره، وأما تمامه ففي الآخرة قال تعالى:{ولعذاب الآخرة أشد وأبقى}[طه:١٢٧](وسمومها) بفتح السين، وهي الريح الحارة (ويضيق) بصيغة المجهول من التضييق (حتى تختلف فيه) أي في قبره وفي بدنها (أضلاعه) أي عظام جنبه بأن يدخل عظام الجنب الأيمن في عظام الأيسر وعظام الجنب الأيسر في الأيمن من شدة التضييق. وأما ضغطة القبر للمؤمن فإنما هي ضمة للأرض كمعانقة الأم المشتاقة لولدها (يسوءك) أي يحزنك (فوجهك الوجه) أي الكامل في القبح (أنا عملك الخبيث) أي المركب من خبث عقائدك وأعمالك وأخلاقك فالمعاني تتجسد وتتصور في قوالب المباني (وفي رواية) أي لأحمد (ونحوه) أي معنى ما ذكر من الألفاظ (وزاد) أي الروي (فيه) أي في نحوه في بيان حال المؤمن (إذا خرج روحه) أي روح المؤمن (وكل ملك في السماء) أريد بها الجنس (ليس من أهل باب)