للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن آذنني، فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه، فقال: أشعرنها إياه. وفي رواية: اغسلنها وتراً ثلاثا أو خمساً أو سبعاً، وأبدأن

ــ

في حديث أم عطية، وقوله: اغسلوه بماء وسدر في حديث ابن عباس الآتي في المحرم، وقوله: اغسليها بعد ذلك ثلاث مرات بماء وسدر في حديث أم سليم عند الطبراني، فالراجح عندنا هو أنه يغسل في كل مرة بماء وسدر بأن يغلي الماء بالسدر ثم يغسل به، وقد روي أبوداود بإسناد صحيح عن ابن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية يغسل بالسدر مرتين والثالثة بالماء والكافور. وقال ابن الهمام: الأولى كون الأوليين بالسدر كما هو ظاهر كتاب الهداية لما في أبي داود عن ابن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية يغسل بالسدر مرتين والثالث بالماء والكافور، وسنده صحيح- انتهى. (واجعلن في الآخرة) أي المرة الآخرة (كافوراً أو شيئاً من كافور) هو شك من الراوي أي اللفظتين قال. والأول محمول على الثاني، لأنه نكرة في سياق الإثبات، فيصدق بكل شئ منه. وجزم في رواية للبخاري باللفظ الأول. وظاهره أنه يجعل الكافور في الماء، ولا يضر الماء تغييره به. قيل: الحكمة في الكافور مع كونه يطيب رائحة الموضع لأجل من يحضر من الملائكة وغيرهم أنه فيه تجفيفاً وتبريداً وقوة نفوذ وخاصية في تصليب بدن الميت وطرد الهوام عنه وردع ما يتخلل من الفضلات ومنع إسراع الفساد إليه وهو أقوى الأرابيح الطيبة في ذلك، وهذا هو السر في جعله في الغسلة الأخيرة، إذ لو كان في الأولى مثلاً لأذهبه الماء، وإذا عدم الكافور قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص أو بعضها (فإذا فرغتن) من غسلها (آذنني) بمد الهمزة وكسر الذال المعجمة وفتح النون الأولى المشددة وكسر الثانية من الإيذان، وهو الأعلام، والنون الأول أصلية ساكنة، والثانية ضمير فاعل، وهي مفتوحة والثالثة للوقاية (فلما فرغنا) من غسلها (آذناه) بالمد أي أعلمناه بالفراغ (فألقى إلينا) وفي رواية: فأعطانا (حقوه) بفتح الحاء المهملة، ويجوز كسرها بعدها قاف ساكنة أي إزارة. والحقو في الأصل معقد الإزار فسمى به ما يشد على الحقو توسعاً للمجاورة (أشعرنها) بهمزة القطع أي زينب ابنته (إياه) أي الحقو أي اجعلنه شعارها. والشعار والثوب الذي يلي الجسد، لأنه يلى شعره يعني اجعلنه تحت الأكفان بحيث يلاقي بشرتها. والمراد إيصال البركة إليها والحكمة في تأخير الإزار إلى أن يفرغن من الغسل ولم يناولهن إياه أولاً ليكون قريب العهد من جسده الكريم حتى لا يكون بين انتقاله من جسده إلى جسدها فاصل، وهو أصل في التبرك بآثار الصالحين واختلف في صفة أشعارها إياه، فقيل: يجعل لها مئزراً. وقيل: تلف فيه، وهو الصواب. وفي الحديث جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل. وقد نقل ابن بطال الاتفاق على ذلك (وفي رواية) أي للشيخين (اغسلنها وتراً ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً) ظاهره أنه لا يزاد على السبع، لأنه نهاية ما ورد في عدد التطهير، لكن ورد في رواية أخرى للشيخين وغيرهما الإذن بالزيادة عند الحاجة كما تقدم (أبدأن)

<<  <  ج: ص:  >  >>