من الثلاث إلى الخمس وسكت عن الأربع (أو أكثر من ذلك) أي من الخمس بكسر الكاف، لأنه خطاب للمؤنث. ويدل الحديث على أنه لا تحديد في غسل الميت، بل المطلوب التنظيف، لكن لابد من مراعاة الايتار، فقد وقع في رواية للشيخين كما سيأتي: ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، وفي رواية لهما ولأبي داود والنسائي: أو سبعاً أو أكثر من ذلك، وهذا ظاهر في شرعية الزيادة على السبع إن احتيج إلى ذلك (إن رأيتن ذلك) بكسر الكاف خطاب لأم عطية، فإنها كانت رئيستهن فخصت بالخطاب وعممن في قوله رأيتن. قال الطيبي: رأيت من الرأي أي إن احتجتن إلى أكثر من ثلاث أو خمس للانقاء لا للتشهي فافعلنه. وفيه دليل على التفويض إلى اجتهاد الغاسل، ويكون ذلك بحسب الحاجة لا التشهي. قال ابن المنذر: إنما فوض الرأي إليهن بالشرط المذكور وهو الايتار (بماء وسدر) بكسر السين شجر النبق، والنبق حمله وثمره. والمراد في الحديث ورق السدر، قيل الحكمة فيه: أنه يقلع الأوساخ وينقى البشرة وينعمها ويشد العصب. قال ابن التين: قوله: بماء والسدر هو السنة في ذلك، والخطمي مثله، فإن عدم فما يقوم مقامه كالأشنان والنطرون. قال الزين: قوله: بماء وسدر متعلق بقوله اغسلنها، وظاهره أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف لا للتطهير، لأن الماء المضاف (أي الماء المقيد وهو الذي خالطه طاهر كالأشنان والصابون والزعفران والباقلاء فغير إحدى صفاته طعمه أو لونه أو ريحه وبقي رقيقاً كالماء المطلق) لا يتطهر به (أي عند الأئمة الثلاثة خلافاً للحنفية) . قال الحافظ: وقد يمنع كون الماء يصير مضافاً بذلك لاحتمال أن لا يغير السدر وصف الماء بأن يمعك (أي يدلك) بالسدر ثم يغسل بالماء في كل مرة، فإن لفظ الخبر لا يأبى ذلك وقال القرطبي: يجعل السدر في ماء ويخضخض إلى أن تخرج رغوته ويدلك به جسده، ثم يصب عليه الماء القراح فهذه غسله. وقيل. تطرح ورقات السدر في الماء أي لئلا يمازج الماء فيتغير وصفه المطلق. وحكى عن أحمد أنه أنكر ذلك، وقال يغسل في كل مرة بالماء والسدر. قال ابن قدامة: هذا المنصوص عن أحمد. قال صالح: قال أبي: الميت يغسل بماء وسدر ثلاث غسلات. قلت: فيبقى عليه فقال: أي شيء يكون هو أنقى له. وذكر عن عطاء أن ابن جريج قال له إنه يبقى عليه السدر إذا غسل به كل مرة، فقال عطاء هو طهور. قال ابن قدامة. قول أحمد هذا دال على أن تغيير الماء بالسدر لا يخرجه عن طهوريته. وقيل الغسلة الأولى تكون بالماء وحده وفي الثانية تكون بماء وسدر، لأن الغسل أولاً هو الفرض، فوجب أن يكون بالماء وحده وما بعد ذلك فإنما هو على وجه التنظيف والتطييب فلا يضره ما خالطه مما يزيد في تنظيفه. وقيل: يغسل أولاً بالماء والسدر ثم بالماء وحده، لأن فرض الغسل إنما يجب أن يكون بعد المبالغة في تنظيفه. وقيل غير ذلك ولا يخفى أن هذه التأويلات كلها مخالفة لظاهر قوله اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك بماء وسدر