يمانية، بيض سحولية، من كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة)) .
ــ
رد على من استحسن من المتأخرين من الحنفية زيادة العمامة للعالم، وقال بأربعة أثواب في كفنه، واحتج بفعل ابن عمر المذكور. ولا يخفى ما فيه، فالصواب هو عدم الزيادة على الثلاثة. قال ابن قدامة: وتكره الزيادة على ثلاثة أثواب في الكفن لما فيه من إضاعة المال. (يمانية) بالتخفيف، وأصله يمنية بالتشديد نسبة إلى اليمن، لكن قدمت إحدى اليائين ثم قلبت الفاء أو حذفت وعوض عنها بألف على خلاف القياس. وقال الشوكاني: يمانية بتخفيف الياء على اللغة الفصيحة المشهورة. وحكى سيبويه والجوهري وغيرهما لغة في تشديدها. ووجه الأول أن الألف بدل من ياء النسبة فلا يجتمعان، فيقال يمنية بالتخفيف، وكلاهما نسبة إلى اليمن. (بيض) بكسر الباء جمع أبيض، فيستحب الثياب البيض للكفن؛ لأن الله تعالى لم يكن ليختار لنبيه إلا الأفضل. وسيأتي حديث ابن عباس بلفظ: وكفنوا فيها. (أي في الثياب البيض) موتاكم. قال النووي: استحباب التكفين في البياض مجمع عليه. (سحولية) بضم السين والحاء المهملتين ولام، ويروي بفتح أوله نسبة إلى سحول قرية باليمن. وقال الأزهري: بالفتح المدينة، وبالضم الثياب. وقيل: النسبة إلى القرية بالضم. وأما بالفتح فنسبة إلى القصار؛ لأنه يسحل الثياب أي ينقيها، كذا في الفتح. وقال النووي بضم السين وفتحها وهو أشهر، وهو رواية الأكثرين قال في النهاية تبعاً للهروى: فالفتح منسوب إلى السحول وهو القصار؛ لأنه يسحلها أي يغسلها أو إلى سحول وهي قرية باليمن. وأما الضم فهو جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي، ولا يكون إلا من قطن، وفيه شذوذ؛ لأنه نسب إلى الجمع. وقيل: إن اسم القرية بالضم أيضا-انتهى. وفي الصحاح السحل الثوب الأبيض من الكرسف من ثياب اليمن، والجمع سحول وسحل مثل سقف، ثم ذكر هذا الحديث، ثم قال: ويقال سحول موضع باليمن وهي تنسب إليه. (من كرسف) بضم الكاف والسين بينهما راء ساكنة أي من قطن. ووقع في رواية للبيهقي: سحولية جدد. (ليس فيها قميص ولا عمامة) أي ليس موجوداً أصلاً، بل هي الثلاثة فقط. فالمقصود نفي وجودهما جملة. قال النووي: معناه لم يكفن في قميص ولا عمامة، وإنما كفن في ثلاثة أثواب غيرهما ولم يكن مع الثلاثة شيء آخر، هكذا فسره الشافعي وجمهور العلماء، وهو الصواب الذي يقتضيه ظاهر الحديث. وقيل: معناه لم يكن القميص والعمامة من جملة الثلاثة، بل كانا زائدين على الثلاثة فيكون ذلك خمسة، وهو تفسير مالك. قال العراقي: وهو خلاف الظاهر. قال السندي: بل يرده حديث أبي بكر: في كم كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت عائشة: في ثلاثة أثواب، فقال أبوبكر لثوب عليه كفنوني فيه مع ثوبين آخرين، وهو حديث صحيح. (أخرجه مالك والبخاري وغيرهما) . قال بعض الحنفية: سألها أبوبكر وإن تولى تكفينه علي والعباس وابنه الفضل؛ لأنها كانت في البيت شاهدت ذلك-انتهى. قلت: ويؤيد التفسير الأول ما رواه ابن سعد في طبقاته عن عائشة بلفظ: ليس في كفنه