للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قميص ولا عمامة، والأفضل أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ولا يزيد عليها، وإليه ذهب الجمهور. قال الترمذي: والعمل عليه عند أكثر أهل العمل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم وهو مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل، والمستحب عند الحنفية ثلاثة ثياب كالجمهور، لكن الثلاثة عند الحنفية: إزار. (من القرن إلى القدم. وقيل: من الحقو إلى القدم كإزار الحي) ، وقميص غير مخيط ولا مكفوف ولا مزرر بلا جيب ودخاريص وكمين (من الرقبة إلى القدمين، وقيل: إلى نصف الساق) ولفافة، وكان محمد بن سيرين يستحب أن يكون قميص الميت كقميص الحي مكففاً مزرراً. واستدل الحنفية على استحباب القميص بما في قصة عبد الله بن أبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى ابنه قميصه ليكفنه فيه. وفيه أن غاية ما فيه أنه يدل على جواز التكفين في القميص ولا اختلاف فيه، وإنما الاختلاف في الأفضلية، وفعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - تكرمة لابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي وإجابة لسؤاله حين سأله ذلك ليتبرك به أبوه. وقيل: إنما فعل ذلك جزاء لعبد الله بن أبي عن كسوته العباس قميصه يوم بدر، فيكون مختصاً بهذه القضية، على أن قميصه - صلى الله عليه وسلم - هذا كان مخيطاً مكفوف الأطراف ذا الكمين والجيب، والمستحب عند الحنفية هو غير هذا كما تقدم. واستدلوا أيضاً بما روى النسائي والطحاوي والبيهقي (ج٤ص١٥- ١٦) في قصة الأعرابي من حديث شداد بن الهاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفنه في جبته - صلى الله عليه وسلم -. وفيه ما تقدم أنه إنما يدل على الجواز ولا اختلاف فيه، على أنه يخالف الحنفية من جهة أن المستحب عندهم إنما هو القميص الغير المخيط بلا كمين، والجبة المذكورة كانت مخيطة مكفوفة الأطراف ذات كمين واستدلوا أيضاً بما روى عن عبد الله بن مغفل أنه قال: إذا أنا مت فاجعلوا في غسلي كافوراً، وكفنوني في بردين وقميص، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، أخرجه الحاكم (ج٣ص٥٧٨) والطبراني في الكبير، وابن سعد في طبقاته (ج٢ص٦٨) ، وبما روى البزار وابن عدي في الكامل عن جابر بن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب بيض قميص وإزار ولفافة، وبما روى أحمد وأبوداود وابن ماجه والبيهقي وابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب نجرانية: الحلة ثوبان وقميصه الذي توفي فيه، وبما روى محمد بن الحسن في كتاب الآثار، وابن سعد في طبقاته عن إبراهيم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن في حلة يمانية وقميص، وأخرجه ابن سعد أيضاً وعبد الرزاق عن الحسن نحوه، وبما روى الطبراني في الأوسط عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب أحدها قميص. قال الهيثمي: إسناده حسن، وبما روى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: يكفن الميت في ثلاثة أثواب قميص وإزار ولفافة. وأجيب بأن هذه الأحاديث لا تنتهض لمعارضة حديث عائشة الثابت في الصحيحين وغيرهما؛ لأنها كلها مدخولة، أما حديث ابن مغفل ففيه صدقة بن موسى. قال الحافظ:

<<  <  ج: ص:  >  >>